الرئيسية بلوق الصفحة 109

بعد حميميم وطرطوس.. الآن في القامشلي!

معلومات من بوابة uawire.org عن قيام روسيا بمفاوضات مع دمشق من أجل استئجار مطار القامشلي السوري الذي يقع على بعد بضعة كيلومترات من الحدود مع تركيا، لمدة 49 عاما.
ووفق المعلومات فإن روسيا ستنشر مركزاً لإدارة الصواريخ لمواجهة هجمات أمريكية محتملة.
ويرى المعلّق العسكري في Veterans today، جيم دبليو دين، أن “رادار إس-400 في مطار القامشلي، سيكشف مناطق بعيدة إلى الشرق وسيتمكن من تعقب النشاط الجوي الأمريكي في العراق وفي الشرق.

وذكر المرصد السوري في فترة سابقة استناداً على مصادر خاصة، بوجود مفاوضات بين القيادة الروسية ودمشق من أجل استئجار مطار القامشلي، لبناء قادة روسية ثالثة في المنطقة، تشرف على عمليات مراقبة وتأمين مناطق الشرق والشمال السوري وصولاً إلى العراق وايران.

وبنت روسيا في فترة سابقة قاعدتين لها في سوريا، الأولى وهي قاعدة بحرية في مدينة طرطوس الساحلية، اعتمدت عليها في نشر قواتها البحرية، وتعتبر النافذة الروسية الوحيدة المتبقية لها في المتوسط، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. والثانية في مدينة حميميم التابعة لمحافظة اللاذقية، وهي قاعدة جوية، ونشرت روسيا فيها جميع أنواع الطائرات التي يستخدمها الجيش الروسي.

وتشارك القاعدتان الروسيتان في الحرب الدائرة في سوريا منذ 2015. وتعرضت القاعدتان في فترات سابقة لهجمات بطائرات درون مسيّرة مصدرها المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية المسلحة في إدلب. وقال نائب وزير الدفاع الروسي الكسندر فومين لوكالة سبوتنك، إن هجمات الدرون التي استهدفت قاعدة حميميم تديرها دولة كبيرة، ووجه أصابع الاتهام إلى أمريكا لأن التكنيك العالي لطائرات الدرون التي تم اسقاطها في القاعدة حميميم وبعد الكشف عن تفاصيلها حوت معدات وأنظمة توجيه متطورة لا تملكها ميليشيات أودول متخلفة.

ويعتقد المحللون العسكريون، أن وجود القواعد الروسية في سوريا، يدل على عودة التنافس الروسي الأمريكي، وعودة الحرب الباردة، في حين اعتبر محللون آخرون أن التواجد الروسي في سوريا، مرده الأساسي التنافس مع إيران.

#حزب_سوريا_المستقبل
#تقارير

من هو جيش محمد؟

 

الغارة الأمريكية التي تم تنفيذها 10 نوفمبر، 2019، استهدفت مجموعة ميليشيا “جيش محمد” التابعة لتنظيم “قاعدة الجهاد” في قرية كفرة التابعة لمنطقة اعزاز شمالي حلب.

تقع منطقة اعزاز تحت سيطرة القوات التركية بشكل مباشر، ومبنى المخابرات التركية يبعد 100 متر عن موقع الذي استهدفته الطائرات الأمريكية.

جاء الاستهداف بعد فترة قصيرة من اعتقال اثنين من مؤسسي وقادة “جيش محمد” أحدهم يدعى “أحمد العبيد” والآخر يدعى “أبو عبيدة المصري”.

ينتهج “جيش محمد” السلفية الجهادية، ويتشابه في ذلك مع كل من تنظيمي جبهة النصرة وداعش.

تأسس عام 2013 من مقاتلين سوريين وعرب وأجانب على يد المدعو “أبو عبيدة المهاجر” وهو مصري الجنسية.

تركز وجوده بداية في ريف حلب الشمالي، وخاصة منطقة اعزاز الحدودية مع تركيا.

أخرجته “الجبهة الإسلامية” عام 2014، فانضم لـجبهة النصرة، “هيئة تحرير الشام حاليا” في حزيران 2016. ثم أصبح جزءاً من تنظيم “حراس الدين” التابع لتنظيم “قاعدة الجهاد”، ونشر بيان الانتماء الجديد، مذيّلاً بأسماء قادته: أبو مسعود الليبي (الأمير العام)، أبو مريم التونسي (الشرعي العام)، أبو حفص المصري (العسكري العام)، أبو العباد الشامي (الإداري العام)، أبو هاجر الفرنسي (عضو الشورى)، خطاب المصري (عضو الشورى).

 

عن مركز توثيق الانتهاكات شمال سوريا

 

 

بيان للرأى العام

استفاقت بالأمس مدينه القامشلي على سلسلة من التفجيرات الإرهابية، التي روعت المواطنين حيث انفجرت ثلاثة سيارات مفخخة في أحياء عدة، في القامشلي طالت السوق الرئيسي المكتظ بالمواطنين، وراح ضحيتها العشرات بين جريح وشهيد وتزامن مع استهداف رجل دين من الطائفة المسيحية الأرمنية في المدينة مما أدى لاستشهاده ، والهدف منها ضرب حالة الاستقرار، والوحدة الوطنية التي تعيشه المدينة بجميع مكوناتها جاءت تلك الأعمال الإجرامية الإرهابية متزامنة مع هجمات الجيش التركي، واعتداءات ميلشياته المأجورة على مناطق شمال وشمال شرق سوريا إن هذا الإرهاب أياً كان شكله ولونه هو امتداد للرعاية التركية المباشرة فأردوغان، وعلى مدار التسع سنوات قد زرع بؤر الإرهاب الأسود، وسهل عبوره وسانده تحقيقاً لأطماع تاريخية، وإعادة الحقبة العثمانية فأحلام أردوغان ليس لها حدود إلا بتمزيق الوطن السوري، وضرب حالة الاستقرار الذي شهدته مناطق الإدارة الذاتية، تمهيداً لإحداث التغيير الديمغرافي، وسعياً لإطالة أمد النزاع السوري
إن الرأي العام العالمي بات يعرف من مول إرهاب داعش، ومن رعاه فهو صنيعة تركية بامتياز، وعليه إن سقوط الضحايا المدنيين الأبرياء لن يثني الشعوب في شمال وشرق سوريا عن المضي في السير بالمشروع الديمقراطي، الذي أثبت نجاحه رغم محاولات النيل منه، خصوصاً من حكومة العدالة والتنمية الحاكمة في تركيا ممثلةً بشخص أردوغان.

#بيان

#حزب_سوريا_المستقبل

12/11/2019

المهندس إبراهيم القفطان.. تركيا تسعى إلى احتلال المنطقة من جديد لكن ذهب عهد الاحتلالات والامبراطوريات

بحضور المهندس إبراهيم القفطان رئيس حزب سوريا المستقبل وأعضاء من المركز العام قام فرع الرقة بالتنسيق مع لجنة الكسرات لحزب سوريا المستقبل بعقد لقاء جماهيري مع أهالي منطقة خط الشامية ,وشارك أيضاً في اللقاء أعضاء مجالس خط الشامية.

تألف ديوان الاجتماع من المهندس إبراهيم القفطان رئيس حزب سوريا المستقبل ,والسيد عبدالله الشبلي رئيس فرع الرقة ,والسيدة ريم النجم عضو مكتب التنظيم العام.

بدأ الاجتماع بالوقوف دقيقة صمت استذكاراً لأرواح الشهداء, تلاها الترحيب بالحضور من قبل السيد عبدالله الشبلي رئيس فرع الرقة.

وتحدث المهندس إبراهيم القفطان خلال كلمة ألقاها عن الوضع السياسي العام وانعكاساته على أبناء سوريا وعن بداية الثورة السورية ,حيث قال: “انطلقت سلمية وبمطالب محقة ولكن هذا الأمر استغلته بعض الدول الاقليمية وخاصة تركيا وإيران ,وشرعت الأبواب التركية والإيرانية وأدخلت على الأرض السورية المجموعات الاسلامية الراديكالية, وذلك من أجل خلق حالة من الفوضى وتحقيق مطامع استعمارية”.

وأضاف القفطان خلال كلمته حول أطماع الحكومة التركية: “بعد سحق داعش من قبل قوات سوريا الديمقراطية والتحرير تحاول تركيا إعادة المنطقة إلى سابق عهدها محاولة ذلك عن طريق إدخال ما يسمى بالجيش الوطني الذي هو عبارة عن بقايا فلول داعش والنصرة ,واللعب على وتر ما يسمى بالمنطقة الآمنة ,هذه الكذبة الفاضحة للنظام التركي والتي تهدف من خلالها إلى تغيير ديموغرافي وتوطين مرتزقته وأزلامه الذين باعوا أنفسهم وضمائرهم ووطنيتهم لهذا النظام الغاشم”.

وبالنسبة لدخول الجيش السوري تحدث القفطان: “إن هذا الأمر تم بتوافق مع الحكومة السورية من أجل صون الحدود ووحدة الأراضي السورية ونحن نتقاطع مع كل من يدافع عن سيادة سوريا وكرامة الشعب السوري”.

وأكد القفطان: “لن نتخلى عن مبادئنا وثوابتنا في الحفاظ على السيادة السورية ووحدتها مع الإصرار على أهدافنا في سوريا ديمقراطية  تعددية لا مركزية”.

جرى خلال اللقاء الجماهيري فتح باب النقاش من خلال مداخلات شفافة وجريئة عبر أسئلة من أهالي المنطقة وتم الإجابة على تلك الأسئلة من رئيس حزب سوريا المستقبل المهندس إبراهيم القفطان.

#حزب_سوريا_المستقبل
#فرع_الرقة
#الرقة

الاحتلال التركي والتوسّع في سوريا

بعد مضي فترة على مفاوضات الولايات المتحدة مع تركيا، بشأن التنفيذ المشترك لـ “منطقة آمنة” في شمال شرق سوريا، بدأت تركيا العضو الرئيسي في الناتو في 9 أكتوبر عمليات التوغل الأحادية في المنطقة.

بدأت عمليتها المسماة “ربيع السلام” عبر قيام الجيش التركي بشن غارات جوية مكثفة وقصف أهداف عسكرية ومدنية استراتيجية. وترافق مع انسحاب القوات الأمريكية، بينما تحركت الفصائل السورية المدعومة من تركيا عبر الحدود الدولية. لقد فعلوا ذلك لانتزاع السيطرة على المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات الديمقراطية السورية (SDF) – الحليف السوري متعدد الأعراق للولايات المتحدة في سوريا منذ عام 2015. تركيا وحلفاؤها يتهمون قوات سوريا الديمقراطية بالتواطؤ مع المتطرفين.

أفادت الأنباء أن الجيش التركي والجماعات السورية التي دربتها تحت مسمى “الجيش الوطني” للمعارضة السورية – ارتكبت سلسلة من انتهاكات حقوق الإنسان منذ بدء العملية. بدءاً من عمليات الإعدام دون محاكمة، والهجمات غير القانونية، وإعاقة وصول المساعدات الإنسانية والنهب.

اعتبر تقرير صدر مؤخراً لمنظمة العفو الدولية أن القوات التركية وشركاءها “أظهروا تجاهلًا مخزيًا للحياة المدنية”، ووجدوا “أدلة دامغة على ارتكاب جرائم حرب”.

الانتهاكات تعزز الدليل على التغيير الديموغرافي المدعوم من تركيا:

ومع ذلك، لا ينبغي أن تكون هذه الانتهاكات مفاجئة، بالنظر إلى قاعدة الأدلة الحالية للجرائم المماثلة التي ارتكبها نفس الفاعلين، أو ذوي الصلة في منطقة عفرين الشمالية الغربية في سوريا. على مدار أكثر من عام ونصف العام. فهناك انتهاكات لحقوق الإنسان واسعة النطاق، وهي مرتكبة ضد السكان المحليين في هذه المنطقة ذات الغالبية الكردية في أعقاب إطلاق عملية الزيتون في يناير 2018 هناك، وحملة عسكرية أخرى قامت بها القوات المسلحة التركية وحلفاؤها السوريون.

في دراسة نشرتها مؤسسة فريدريش إيبرت شتيفتونغ الألمانية حول الإسكان والأراضي والممتلكات، ادعى جميع من أجريت معهم مقابلات في عفرين أنهم تعرضوا لانتهاكات على أيدي فصائل الجيش الوطني. وسط الخوف من الاضطهاد التعسفي، ذكر أحد المصادر: “يبدو أن الفصائل تتنافس على من يمكنه أن يتصرف بشكل أسوأ”.

مع تواتر ملفت للنظر خلال الشهر الماضي، تلقيت تقارير حول العديد من الانتهاكات نفسها التي يتم إعادة إنتاجها في مناطق شمال شرق سوريا، والتي أصبحت تحت سيطرة فصائل الجيش الوطني المدعومة من تركيا. وبالفعل ، فإن أحرار الشرقية، وهي جماعة سيئة السمعة لارتكاب انتهاكات في عفرين، قد اتُهمت بالفعل بقتل السياسية الكردية البارزة والأمينة العامة لحزب سوريا المستقبل، وناشطة حقوق المرأة، هيفرين خلف، في شمال شرق سوريا.

ويخشى السكان هناك ظهور “سيناريو عفرين” في شمال وشرق سوريا.

إن الاعتراف بأنماط مماثلة من الانتهاكات المرتكبة في مناطق مختلفة من شمال سوريا يعزز الأدلة على أن تركيا تعمل على تطوير استراتيجية للتغيير الديموغرافي.

لطالما اعتبرت تركيا مشروع الحكم الذاتي للأكراد السوريين على الجانب الآخر من حدودها بمثابة تهديد للأمن القومي. وتدخلت لمواجهة ما تسميه “ممر إرهابي ناشئ”. ومع ذلك ، فإن تدخل تركيا كدولة فاعلة خارجية، مع تاريخها الحافل للنزوح القسري لسكانها الأكراد، يقدم جانباً عرقياً واضحاً، لتحليل هذه التطورات.

تقليل الخدمات وزرع الخوف لدفعهم للنزوح:

قبل إطلاق عمليات “ربيع السلام” و”غصن الزيتون”، كانت مناطق شمال شرق سوريا وعفرين تحت إدارة الجهات الفاعلة التي يقودها الأكراد منذ عام 2012. وقد تجنبت هذه المناطق إلى حد كبير الدمار الشديد الذي شوهد في أماكن أخرى من البلاد. واستقطب استقرارها النازحين السوريين بأعداد كبيرة. أسفرت العملية العسكرية التركية عن طرد مئات الآلاف من السكان المحليين في شمال شرق سوريا.

في إطار عملياتهم، استهدف الجيش التركي وحلفاؤه منشآت الخدمات العامة، بما في ذلك المنشآت الطبية في كل من عفرين وبلدة سري كانيه / رأس العين شمال شرق سوريا.

إن الاستهداف التركي الأخير لمحطة علوك المائية في شمال شرق سوريا، ساهم بقطع مياه الشرب عن 400000 شخص. وهذا يذكرنا بالأفعال المماثلة في عفرين، التي أدت إلى زيادة النزوح إلى الحد الأقصى. تم تكرار “حكم الغابة” الفوضوي الذي تميز بعد احتلال عفرين في شمال شرق سوريا مع حالات الاختطاف من أجل الفدية والقتل التعسفي والترهيب.

وهناك ممارسة أخرى ثابتة تتمثل في قيام المقاتلين من “الجيش الوطني” بتوثيق عملياتهم بأنفسهم، أثناء ارتكابهم جرائم حرب بشعة. سرعان ما أصبح الفيديو الشهير لأعضاء الجيش الوطني، حيث يقف عناصره فوق جثة مشوهة للمقاتلة الكردية بارين كوباني، الفيديو الذي يعتبر رمزا للوحشية المرتبطة بعملية عصن الزيتون في عفرين. من منتصف شهر أكتوبر، يتم نشر مقاطع فيديو لفصائل الجيش الوطني التي تنفذ عمليات قتل الأسرى من شمال شرق سوريا، يتم نشرها في وسائل التواصل الاجتماعي وعلى نطاق واسع.

استهدف الجيش التركي وحلفاؤه منشآت الخدمات العامة، بما في ذلك المنشآت الطبية في كل من عفرين وبلدة “سري كانيه” رأس العين شمال شرق سوريا. وتقارير عن استخدام الفوسفور الأبيض كسلاح جديد في الترسانة التركية، ساعد على نشر الخوف بين السكان المحليين، وحفز المزيد من المدنيين على الهروب.

الاحتلال والانتقال:

مثل هذه الإجراءات أفرغت فعليًا المنازل من أصحابها الأصليين، ومهدت الطريق لنقل المقاتلين المرتبطين بالمعارضة السورية المدعومة من تركيا على نقل عائلاتهم إليها.

وصفت منظمة العفو الدولية تركيا بأنها “تغض الطرف” عن انتهاكات شركائها السوريين، حيث ينظر السكان المحليون بقوة إلى ذلك، بمثابة مكافأة تقدمها تركيا لحلفائها بسبب مشاركتهم في العملية.

بما أن النازحين العرب والتركمان يمثلون الآن الأغلبية في بعض مواقع عفرين الكردية على وجه الحصر تقريبا، هناك دليل واضح على حدوث انتهاكات تتزامن مع تغيير في الهندسة الديموغرافية.

ومما يدعو إلى القلق أن العلامات الأولية لهذه العملية قد بدأت بالفعل في مناطق شمال شرق سوريا في إطار عملية ربيع السلام. في بلدة تل أبيض، على سبيل المثال، تشترك الفصائل المسلحة المتنافسة المشاركة في القتال في صف الجيش التركي، في مطالباتها بالمنازل على أساس أن المنزل المعني مخصص لهم، بمجرد تحديد أسمائها بالدهان عليه، مرفق بكلمة “محجوز”. كما وردت تقارير موثقة عن نهب الممتلكات في كل من سيري كانيه “رأس العين” وتل أبيض “كري سبي”.

يبقى هناك أمل في أن تمارس الولايات المتحدة نفوذها بعد سنوات من الوجود العسكري في شمال شرق سوريا لوضع حدّ للتدخل التركي المأساوي، مع قيام الرئيس التركي أردوغان بالإشارة بشكل متزايد صراحة، إلى خطط نقل الأكراد من شمال شرق سوريا، إلى جانب تقارير عن عودة اللاجئين السوريين من تركيا قسراً إلى تلك المناطق، مما يشير أن سيناريو عفرين يتكرر اليوم في شمال شرق سوريا.

By Thomas McGee

ترجمة حزب سوريا المستقبل عن

opendemocracy

#حزب_سوريا_المستقبل
#تقارير

الهام أحمد.. أمريكا باقية!

في حوارها مع صحيفة الشرق الأوسط السعودية في 10 تشرين الثاني، تشرح الهام أحمد الرئيسة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية، تفاصيل الساحة السياسية السورية والإقليمية والدولية، وتجيب بشفافية على أسئلة الشرق الأوسط.
وهنا نص الحوار كاملاً:
> الرئيس دونالد ترمب أعلن بداية الشهر الماضي الانسحاب من سوريا ثم عدل موقفه. هل تشعرون أن واشنطن خانتكم بعدما ساهمت «قوات سوريا الديمقراطية» بالقضاء على «داعش»؟
– طبعاً، القرار الذي اتخذته إدارة ترمب بسحب قواتها بأسلوب عشوائي ومفاجئ، أثر بشكل سلبي جداً على المنجزات في الحرب ضد «داعش» والدعم الذي قدمته لتحقيق الاستقرار وعودة النازحين إلى المناطق والقضاء على الخلايا النائمة لـ«داعش».
لم نكن نأمل قراراً مفاجئاً كالذي حصل، خصوصاً أنه كانت لدينا وعود من الدبلوماسيين والعسكريين الأميركيين أنهم باقون في المنطقة إلى حين تحقيق الحل السياسي النهائي في سوريا ومحاربة خلايا «داعش» النائمة، وأن المناطق التي وجد فيها الأميركيون سيدافعون عنها ولن يسمحوا لأي طرف بالهجوم عليها.
> لكن التوقعات بالانسحاب كانت موجودة والسفير الأميركي الأسبق روبرت فورد توقع «خيانة» أميركية للأكراد؟
– لن أتحدث بهذا الأسلوب. من لم يفِ بوعوده، دعه يسمي الأمور بنفسه. الرأي العام الأميركي كان ضد الانسحاب. كان هذا واضحاً.
> ما هو الوضع حالياً عسكرياً على الأرض؟ هل حصل تراجع؟
– هناك تراجع عن القرار، لكن لا نعرف المدة الزمنية والمهمات التي سيقوم الأميركيون بها. قال الأميركيون إنهم باقون لمحاربة «داعش» وكي لا تقع حقول النفط في أيدٍ غير أمينة.
> هل تبلغت ذلك رسمياً؟
– نعم، تبلغنا ذلك رسمياً.
> ماذا؟
– تبلغنا رسمياً أنهم باقون للاستمرار في محاربة الإرهاب وحماية آبار النفط كي لا تقع في أيدٍ غير أمينة، ولا يستفيد منها «الدواعش» وغيرهم.
> من هذه «الأيادي غير الأمينة»؟ هل ذكروا روسيا أم دمشق؟
– لم يحددوا. هكذا قالوا.
> هل عزز الأميركيون مواقع آبار النفط والغاز؟
– نعم.
> هل أقاموا قواعد؟
– سبق وكانت لديهم قواعد عسكرية، لكن حصلت عودة للقوات وتعزيز لها. كل الذين انسحبوا عادوا.
> الوضع عاد كما كان قبل قرار الانسحاب؟
– المساحة تقلصت. تقريباً، تقلصت إلى النصف.
> كنتِ في واشنطن والتقيت مسؤولين في وزارتي الدفاع والخارجية والكونغرس. ماذا طلبت؟
– طلبنا إنهاء التهديد التركي ومعاقبة تركيا عما قامت به من تطهير عرقي واغتيالات السياسيين، إضافة إلى ضمان تشميلنا بالعملية السياسية في جنيف.
> ثلاثة طلبات؟
– نعم.
> ماذا كان الجواب؟
– الإدارة كانت في وضع عدم الاستقرار ولم تكن الآراء واضحة حول المستقبل في منطقتنا. الكونغرس كان واضحاً واتخذ قرارات لفرض عقوبات ومعاقبة تركيا. بقي أن يصادق عليها مجلس الشيوخ. هذا سيحصل في الأيام المقبلة. لكن الإدارة كانت في حالة عدم وضوح وعدم الاستقرار في الرأي والاستراتيجية.
> وزارة الدفاع؟
– في البداية كان الأمر غير واضح، لكن حالياً الصورة واضحة لديهم، وفق ما ذكرت سابقاً.
> هل هناك إطار زمني لبقاء القوات الأميركية؟
– لا. هم موجودون من دون برنامج زمني.
> إلى متى؟
– حسب استراتيجيتهم. وإلى الآن لم تتضح أسباب بقائهم في سوريا. لذلك لا نعرف هل سيبقون شهرا أو شهرين أو سنة.
> أنت في لندن، ما هي طلباتك في لندن والعواصم الأوروبية.
– لنا مطالب من الدول الأوروبية، هي إنهاء التهديد التركي ومعاقبة تركيا ووقف توريد الأسلحة لها وفرض عقوبات اقتصادية ومعاقبتها على استخدام أسلحة محرمة. أيضاً، نريد إرسال قوات دولية إلى الحدود لضمان عدم عودة «الدواعش» إلى البلدان الأوروبية.
> ماذا عن «الدواعش» الأجانب؟
– نريد تنظيم محاكم خاصة لـ«الدواعش» وتوفير حماية للسجون والمخيمات مع قواتنا للأمن الداخلي. ونناقش موضوع محاكمة «الدواعش» مع الفرنسيين.
> ماذا عن مستقبل «الدواعش» الأجانب، هل ستسلمونهم لدمشق؟
لا، إذا استمر الهجوم التركي، سيعرض «الدواعش» للخطر. ممكن أن يأخذهم النظام السوري أو روسيا أو تركيا أو يهربوا. لذلك، طلبت وقف العملية التركية والهجوم العسكري.
> واقعياً، بالنسبة إلى أميركا والدول الأوروبية، هل تتوقعون أن تنحاز لصالحكم على حساب تركيا وهي عضو في «حلف شمال الأطلسي» (ناتو) ومجموعة العشرين؟
– هم يعرفون أن تركيا لم تعد تغرد ضمن «ناتو» وانحازت كثيرا للطرف الآخر، أي روسيا. هم يعرفون ذلك. يبقى اتخاذ قرارهم واختيار شريكهم.
> لندن، ستستضيف قمة «ناتو» في 3 و4 الشهر المقبل، وهناك قمة بريطانية – ألمانية – فرنسية – تركية. كما أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان سيلتقي ترمب في 13 الجاري؟
– الكل يعرف أن تركيا تحولت إلى دولة راديكالية وهي كانت ولا تزال الممول الأساسي لـ«الدواعش». إذا استمرت العلاقة بينهم، رغم الحقائق، يعني أنهم يتعاملون مع دولة ممولة للإرهاب.
> البعض يعترض على العلاقة بينكم و«حزب العمال الكردستاني» الذي تصنفه دول تنظيماً إرهابياً؟
– إردوغان يخلق الحجج لاحتلال أراض من دول أخرى. الجغرافيا التي نعيش فيها كردية، لكن نتحدث عن خليط من المكونات. لا يمكن أن تتذرع تركيا بـ«وحدات حماية الشعب» الكردية. هي (الوحدات) لم تعتد على أمن تركيا. كل دول التحالف وأميركا تعرف ذلك. ما نقوم به بسوريا، والكل يعرف ذلك، أننا حاربنا الإرهاب ولا علاقة لنا بالإرهاب. لدينا أولويات داخل سوريا ولدينا أولوية سورية، أدافع عن مصالح شعبنا، وأناقش ذلك مع كل الدول المعنية. أولويات سورية ولا أنكر قضيتي القومية، خصوصاً أن القضية الكردية مشكلة في دول أخرى مثل تركيا وإيران.
> هل تريدون تأسيس «روج آفا» (غرب كردستان)؟
– ليس لدي مشروع قومي، كما يسميه البعض، دولة قومية، لكن لنا حقوق قومية كشعب كردي ولنا حقوق كشعب سوري. القضيتان تكملان بعضهما بعضاً. من دون حل القضية الكردية، لا يمكن حل الأزمة السورية.
> لا تريدون كياناً كردياً؟
– أبدا ومطلقاً، لكنْ لدينا حقوق.
> الدبلوماسي الأميركي ويليام روباك اتهم أنقرة بـ«التطهير العرقي»، وفصائل سورية معارضة تتهمكم بـ«التطهير العرقي» ضد العرب وتهجيرهم من مناطقهم شرق الفرات. ما هي الحقيقة؟
– التطهير العرقي يعني أن تهجر قوماً بالكامل من مناطقهم وترتكب المجازر. لننظر إلى تاريخ «وحدات حماية الشعب».
> هناك من يقول إنها هجرت العرب من مناطقهم شرق الفرات؟
– لا، لم تهجر أحداً. بحكم المعارك خرج الناس من مناطقهم ثم عادوا بعد انتهاء المعارك. بقي قسم في تركيا وهم ممن تعاملوا مع «داعش» ولا يستطيعون الرجوع. الآن، أطلقت الإدارة الذاتية نداء لعودة الجميع إلى مناطقهم.
> هل عاد النازحون؟
– نعم. عاد كثيرون.
> هناك من يقول إنكم تستعملون ذريعة «الدواعش» ضد العرب لمنع الناس من العودة؟ أي كل الناس «دواعش» غير الأكراد؟
– كلها ادعاءات غير صحيحة، ليس في محلها. إطلاق صفة «داعش» على الكل غير صحيحة، وإلا لما كان 70 في المائة من «قوات سوريا الديمقراطية» من العرب. حتى العشائر التفت حول هذه القوات ودعمتها بالقوة المالية والمعنوية والبشرية.
> بعد قرار ترمب، جلست جلسة مفاوضات بين «قوات سوريا الديمقراطية» ودمشق برعاية روسية؟
– اتفاق عسكري.
> ملامحه؟
– تسلمت قوات الحكومة والشرطة الروسية كامل الحدود، لكن حافظوا على منطقة الاتفاق بين تركيا وروسيا بين رأس العين وتل أبيض. تركيا تسميها «منطقة آمنة» نحن نسميها «منطقة الجحيم»، لأن تركيا تستعملها لتمرير «الدواعش».
> سياسيا، ماذا تضمن الاتفاق مع دمشق؟
– نسعى إلى انتزاع الاعتراف الرسمي بالإدارة الذاتية لتضمينها بالدستور.
> تريدون الاعتراف بالإدارة الكردية بالدستور السوري؟
– هي ليست كردية. هي إدارية ذاتية وهي جزء من سوريا، بموجب الاتفاق يكون هناك توزيع للصلاحيات بين المركز والأطراف. هي جزء من سوريا والدستور السوري وتتم إدارة المنطقة ضمن صلاحيات معينة.
> هل بدأتِ المفاوضات برعاية روسية؟
– لم تحصل بعد. أبدوا الاستعدادات، لكن لم تحصل بعد.
> هل أبلغتم الأميركيين بمضمون المفاوضات؟
– نعم، هم يعرفون كل شيء. عندما اتخذوا قرارهم وتركوا الحدود، قالوا لنا: أنتم خذوا قراركم وتصرفوا.
> هل شجعوكم على التفاوض مع دمشق برعاية روسية؟
– نعم، طبعا. باعتبار أنهم انسحبوا، ما هو قرارهم؟
> لكنهم عادوا؟
– صحيح، لكن طالما أنهم انسحبوا من الحدود، نحن تصرفنا.
> ما هي ملامح التسوية بينكم ودمشق؟
– الإطار العام، ذكرته، لكن الخطوات العملية لم تبدأ بعد.
> ما هو عدد «قوات سوريا الديمقراطية»؟
– 70 ألفا، وإذا أضفنا الشرطة سيصل العدد إلى مائة ألف عنصر.
> ما هو تصوركم لمستقبلها؟
– لهذه القوات خصوصية، ويجب الحفاظ عليها.
> ما هو المقصود؟
– يجب الحفاظ عليها بموجب اتفاق، قوات خاصة ضمن الجيش السوري. يعني يجب أن تكون الإدارة الذاتية هي الواجهة الأساسية لهذه القوات وبعلاقة قانونية مع وزارة الدفاع السورية.
> الحكومة السورية اقترحت اندماجا فرديا؟
– هذا تصور دمشق، لكنه ليس في محله.
> موسكو اقترحت نسخ تجربة الجنوب السوري، أي اعتبار هذه القوات «فيلقاً خامساً» بإشراف موسكو؟
– لا أظن أن هذا ممكن. القوات عددها كبير ولها خصوصية.

عن الشرق الأوسط

مظلوم عبدي.. نوايا سيئة لدى النظامين التركي والسوري!

في لقائه مع إذاعة Arta FM، يوم الأحد 10 تشرين الثاني، قال مظلوم عبدي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم: “إن هجمات العدو التركي، والفصائل الإرهابية التابعة له، لم تتوقف منذ بدء العدوان قبل نحو شهر”.

وانتقد أمريكا لأنها كانت عاجزة عن إيقاف العملية العسكرية التركية بموجب تفاهم نائب الرئيس الأمريكي مع الأتراك، وانتقد أيضاً روسيا لأنها فشلت في إجبار تركيا على وقف إطلاق النار بموجب اتفاق سوتشي.

وأكد عبدي أن رئيس النظام التركي “ارددوغان” يضمر السوء للشعب الكردي، ويرغب في إبادته. وأشار أن قوات سوريا الديمقراطية ومقاومة شعوب المنطقة إلى جانب دعم الأصدقاء، هم الضامنون الحقيقيون لوقف مشاريع أردوغان.

وأمام عجز المجتمع الدولي، دولاً ومنظمات، في وقف العملية العسكرية التركية، ووقف مجازرها، اعتبر عبدي أن على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته وإلا سنعتبره مشاركاً في مخططات اردوغان، في عمليات التغيير الديمغرافي التي يقوم بها في الشمال السوري، وتهجير سكان المناطق ومنعهم من العودة.

وحول العلاقة مع النظام السوري، قال القائد العام لقسد إن لدى النظام السوري نوايا سيئة تجاه مناطق شمال وشرق سوريا، ويريد أن تعود الأمور كما كانت عليه قبل عام 2011، بالرغم من أنه لا يملك القوة لفعل ذلك.

أكد عبدي أن قسد والإدارة الذاتية هما الطرفان الأقوى على الأرض، ولن يستطيع النظام السوري أو العدو التركي فعل ما يشاؤون، خاصة مع وجود تحالفات واتفاقات مع قوى متعددة.

قال عبدي: “تركت الدولة السورية المنطقة وراء ظهرها. ولم تتحمل مسؤولياتها كدولة. فقد انسحبت من المنطقة، وتركتها لداعش والنصرة. في حين حررتها قسد من التنظيم الإرهابي”.

اعتبر عبدي أن الكرد جزء من سوريا، ولا يريدون تقسيمها، لكن لديهم حقوق كباقي المكونات، ويجب أن يحصلوا عليها.

وحول اللجنة الدستورية أوضح عبدي، أنه لن يتم القبول بمخرجاتها، في حال استثنت مكونات المنطقة من التمثيل، وما لم تعترف بخصوصية قوات سوريا الديمقراطية ومكانتها ضمن المنظومة الدفاعية السورية.

أشار في الوقت نفسه إلى أن تقدماً يجري، لجهة إشراك ممثلي قسد والإدارة الذاتية في اللجنة، من قبل روسيا وأمريكا والأوروبيين وخاصة فرنسا وبريطانيا.

وعن التداخل الكبير بين القوات العسكرية شمال شرقي سوريا قال قائد: “في الأسابيع المقبلة سيحدد كل طرف موقفه، والقوات الأمريكية ستبقى في مواقعها إلى جانب قسد في الخط الشرقي من المنطقة من المالكية حتى دير الزور والبوكمال بالإضافة إلى القامشلي”.

وأكد أن العمل المشترك مع الأمريكيين سيستمر ضد تنظيم داعش وعناصرها المحتجزين في السجون، وحماية آبار النفط والمؤسسات الأخرى. وستنتشر القوات الروسية من منبج حتى الدرباسية وفي مناطق شرقي القامشلي، وستكون هناك دوريات روسية تركية مرة كل أسبوع، وستنتشر قوات النظام السوري على الحدود.

وقال عبدي: “إن تواجد القوات الأجنبية سيكون مؤقتاً”.

وحول المقترح الألماني بإقامة منطقة أمنية دولية، فقد وصفه عبدي بالجيد، لكنه بعيد المدى، وأن ما يركزون عليه في الوقت الراهن هو ما يمنع حصول تغيير ديموغرافي وإبادة الشعب الكردي.

أكد وعبدي أنه بالرغم من أن الأولوية الحالية هي وقف القتال وعودة النازحين إلى مناطقهم، إلا أن الخطوة التالية ستكون تحرير هذه المناطق مرة أخرى.

 

جنكيز أكتار يكتب: روج آفا.. في هيكلية المشروع وامتداداته

الأفراد الذين ينتمون إلى الشعوب المضطهدة والمستحقرة والمنبوذة يسعون دائمًا وفي كل مكان إلى أن يكونوا الأكثر نجاحًا؛ فيهتمون بالتعليم، وغالبًا ما يكونون ناجحين. الهنود في بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية والفلسطينيون المنتشرون في جميع أنحاء العالم هم الأكثر شهرة في هذا. هناك جدلية مماثلة حول التأثير-ورد الفعل- بالنسبة للأكراد في كلٍّ من تركيا وسوريا باتت تُرى بشكل أوضح شيئًا فشيئًا.

دعونا ننظر إلى أكراد تركيا. ليس من قبيل الصدفة أن الشباب يفضلون التعليم القانوني ويصبحون حقوقيين وقانونيين جيدين تصديًا لمظاهر عدم المساواة والظلم التي يتعرضون لها. لنأخذ مثالًا على ذلك أيضًا صلاح الدين دميرطاش أحد السياسيين الأكراد الأكثر قيمة. ناهيكم عن تعدد المهارات التي يجيدها؛ فهو على الرغم من الضغط الهائل الذي يتعرض له اليوم، إلا أنه يتحدث بعزيمة من السجن.

حسنٌ؛ فهل يوجد في البلاد سياسي تركي بمستوى دميرطاش؟ اسألوا ضمائركم: لا يوجد!

إن مكانة دميرطاش لا تنبع من اعتباره ممثلًا للشعب الذي ينتمي إليه فحسب، إن لديه فلسفة وموقفًا يمكن أن يفيد البلد بأسره. هناك كردي آخر: إنه تورغوت أوزال. كان متماثلًا، كان متداخلًا مع الدولة، كان متدينًا، وقادمًا من اليمين. لقد فعل الكثير من الأعمال الخالدة، بغثها وثمينها. أود أن أُذكِّر هنا باثنين منها: كان ممهد الطريق للاتحاد الجمركي الذي لا يزال قائمًا، كما أحيا عضوية الاتحاد الأوروبي من خلال حق اللجوء الشخصي إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

ولننظر إلى الأكراد السوريين: الأكراد السوريون والأكراد الأتراك هم أقارب فُصلوا عن بعضهم بواسطة حدود مصطنعة رسمتها سكك حديد بغداد. وعلى حين كانت الحدود مغلقة في الماضي كانت تفتح بشكل استثنائي في الأعياد.

في سوريا، ملأ الأكراد –بمهارة-الفجوة التي أوجدها تمركز نظام الأسد الاضطراري في غرب سوريا، فأنشأوا حكومة محلية مستقلة لا مثيل لها في الشرق الأوسط، وهو مشروع رائد فريد من نوعه.

تحت اسم الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا (KDSÖY)، تم تطبيق نظام “الحكم الذاتي الديمقراطي” الذي طوره عبد الله أوجلان بعد أن انتقد الاتجاه الماركسي المتشدد أولًا، مستوحيا إياه من نظرية المفكر الأميركي موري بوكتشين. مراسلات أوجلان وبوكتشين موجودة، وكان التصريح الذي أدلت به الحركة الكردية عندما مات بوكتشين هكذا:

“عرَّفنا بفكرة البيئة الاجتماعية ولهذا سنتذكره بامتنان وعرفان دائمٍ. نحن ملتزمون بأن نُحييَ بوكتشين في كفاحنا. سنضع كلمتنا موضع التنفيذ كأول مجتمع يقوم بتأسيس كونفدرالية ديمقراطية ملموسة”.

إن الأكراد لا يقاتلون بالضرورة، كما يعتقد معظم الأتراك، بل يخلقون وحدة اجتماعية جديدة من لا شيء؛ بقليلها وكثيرها.

يدافع موري بوكتشين عن الديمقراطية المباشرة والبيئية الراديكالية القائمة على تمثيل مجتمع، أو مجتمعات أقلية أو أغلبية مختلفة تمثيلًا يقوم على أساس المساواة القاطعة بين الجنسين.

تشكلت هذه النظرية، في 21 يناير 2014، في منطقة شمال وشرق سورية بدءًا من الغرب، والتي تتكون من مقاطعة عفرين التابعة لمحافظة حلب السورية، ومقاطعة كوباني التابعة لمحافظة الرقة ومقاطعة الجزيرة التابعة لمحافظة الحسكة.

وتشمل مجالس المدن وبرلمانات المقاطعات، والتي هي الهيئات التشريعية، العرب والأرمن والأزديين والأكراد والسريان والتركمان. يوجد في كل مقاطعة رئيس ورئيسة وزراء مشاركين، وفي كل بلدية رئيس ورئيسة بلدية مشاركين، ولكل حزب سياسي رئيس ورئيسة مشاركين. أكثر من 60 في المئة من موظفي الخدمة المدنية لا يمكن أن يكونوا من نفس الجنس. الإدارة تقع على رأس هذه الهياكل الحكومية. حاليا، الكردية إلهام أحمد والعربي منصور سلوم رئيسان مشاركان في الحكم. العربية والكردية هما اللغتان الرسميتان الأكثر استخدامًا في الحكم. السريانية-الآرامية والتركمانية سارية أيضا وفقا لكل منطقة.

من الجيد التأكيد على قضية اللغة هذه. فالأكراد متعددو اللغات اضطرارًا، مثلهم مثل الشعوب الأخرى الخاضعة لسيطرة غيرها. أما الشعوب السيادية فإنها أحادية اللغة، كما أنها تفتقر إلى القدرة على الاستفادة من النعم الذهنية لمعرفة أكثر من لغة. وهذا ينطبق على الأبجدية أيضًا. فمثلًا تستخدم ثلاث أبجديات مختلفة هي اللاتينية والعربية والآشورية-الآرامية بفضل اللغات المنتشرة في منطقة شمال وشرق سورية. وهذا يفتح الذهن!

وبطبيعة الحال، فإن تطبيق الحكم الذاتي الديمقراطي لم يكن بالأمر السهل الذي جاء دون عناء. فقد طُرد أحيانًا مسؤولو المجلس الوطني الكردي المنافس لحزب الاتحاد الديمقراطي، واعتقلوا أحيانًا. إلا أنه على الرغم من الحرب التي فرضتها أنقرة على الأكراد السوريين، هناك الكثير من العمل الذي يتم القيام به هناك.

على سبيل المثال، الجامعات. جامعة روجافا التي تضم العديد من الكليات في القامشلي، وجامعة عفرين التي أغلقتها قوات الاحتلال.

وكذلك أيضًا القرى البيئية التي تخضع بالكامل لإدارة النساء، أو وحدات الدفاع النسائية والتي تتمتع بأعلى درجات الكفاءة على الرغم من أنهن يقعن في مركز الاهتمام الرومانسي للغرب.

للحصول على مزيد من المعلومات، أوصي بمقال حديث في مجلة نيويورك ريفيو أوف بوكس ​​للكاتب بيتر و. غالبريث ومقالة ابنة بوكتشين الصادرة هذا الصيف. علاوة على ذلك يمكن تحميل النسخة التركية من الكتاب الذي نشر باللغات العربية والكردية والفارسية والبولندية والسويدية والإسبانية والإيطالية والروسية والسلوفانية واليونانية إلى جانب العربية والكردية في عام 2016 بعنوان “ثورة روجافا”. يجب أيضًا الرجوع إلى “العقد الاجتماعي في روجافا”، الذي درسته في دروس السياسة الإقليمية في الجامعة، والذي يشبه نصًا دستوريًا.

هذه التجربة هي ما لا تدري تركيا عنه شيئًا أصلًا، ولو افترض أنها تدري فإن عقلها لم يفطن إليه، ولا تستطيع معرفة ماذا ستفعل بخلاف تحقير الآخرين ومحاولة تدميرهم. إن هذا أكبر من حجمها بدرجة أو درجتين!

هذه حلول لا يمكن أن ترد حتى بخاطر السياسة الجافة في تركيا. ناهيكم عن أن تخطر ببالها؛ فإنها أشياء لا يستطيعون حتى تلفظها بسبب الخوف. أولاً وقبل كل شيء، تطبيق اللامركزية، وهو عكس المركزية التي يحملها النظام إلى أبعاد لم يسبق لها مثيل، الحلم الذي يُخشى منه بقدر ما يعني تقاسم السلطة. هنا يكمن الحسد والخوف.

في أنقرة، لم يفكر أحد في النظر إلى روجافا، المشروع الرائد اللامركزي في المنطقة، نظرة مختلفة، والأهم من ذلك أنَّ أحدًا لم يقف منه موقفًا سلميًا. فلما أصبح الأمر هكذا لم يبق إلا الكراهية والدمار.

وعلى الرغم من ذلك فإن تركيا عاجزة تمامًا عن أن تقدم أفقًا للتماسك الاجتماعي المستدام لأكراد تركيا اليوم وطبقات المجتمع الأخرى التي لا تزال غير راضية عن حالها. فإلى جانب مزاعم “التحويل الحضاري” للجمهورية التي تأسست عام 1923 فإنها تفرض بالقوة والعنف خيالًا اجتماعيًا أحاديًا على غير العادة. هذا الإجبار والقسر مستمر كما هو منذ قرن. وبفضل مهمة “التحويل الحضاري” الوقحة هذه ترسل أنقرة إلى الأراضي السورية التي تحتلها الآن مؤسساتها منتهية الصلاحية مثل هيئة البريد والبرق وبنك زراعت، والتشكيلات الأمنية.

لهذه الأسباب، فإن مردود محاولة إجبار الأكراد القضاء بالقوة والشدة على توقعات حدوث ديمقراطية وحرية سواء في تركيا أو في سوريا أمر قصير الأجل. فليس من الممكن أن يكتفي الأكراد على المدى الطويل -وهم أكثر الشرائح المجتمعية في تركيا مطالبة بالديمقراطية والحريات- بأيديولوجيات تركيا المحروقة ومؤسساتها التي عفا عليها الزمن.

وبعبارة أخرى، مهما يتم تعيين أوصياء على الحكومات المحلية في المحافظات الكردية في تركيا، ومهما تُقصف المقاطعات الكردية بالقنابل في سوريا، فإنه يستحيل أن تستمر إملاءات أنقرة على المدى الطويل.

عن صحيفة أحوال تركية

#حزب_سوريا_المستقبل
#مقالات
مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر كُتَّابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

سربست نبي يكتب: الجريمة والعقاب في التاريخ التركي

من المألوف جداً أن تقرأ في كتب التاريخ التركي الرسمية مئات الصفحات، التي تتحدث عن الترك بوصفهم ضحايا للمذابح، التي ارتكبها اليونان والبلغار والأرمن وغيرهم. وأن هذه الأمة تكالب عليها، ولايزال، المتآمرون الأعداء في الداخل والخارج، وأنه على الدوام كانت هنالك مؤامرة تحاك ضد وجود الأمة التركية التي يعتقد معظم الساسة ومنظّري الفكر الطوراني، أنها أمة عظيمة واستثنائية على مسرح التاريخ البشري. ومن هذا الموقع بالذات شرعوا يبررون، بعقلية ذرائعية، كلّ الوسائل والأساليب، جميع الممارسات والأخطاء، التي ارتكبت في تاريخهم ولا تزال، دون أدنى شعور بالمسؤولية الإنسانية أو التاريخية.

وبالمقابل، تتجاهل تلك الكتب على نحو شبه كلّي، سلسلة المذابح والمجازر التي ارتكبها الجيش التركي، طوال قرون، ضد القوميات والأمم غير التركية، كالأرمن والكرد واليونان والعرب. وإذا ما اضطرت إلى الإشارة لواقعة ما من هذا القبيل، فإنها تتحدث عن الضحايا غالباً بوصفهم متآمرين استحقوا العقاب القاسي، دون أدنى تأنيب للضمير.

طوال قرن من الزمان عدّ مصطلح الإبادة الأرمنية بمثابة القفل الصدئ للصندوق الأسود لتاريخ تركيا الحديث، ممنوع تداوله أو العبث به، ولا يجواز الإقرار به أو الإفصاح عنه. فهذه المسألة تثير بالدرجة الأولى الشرعية الأخلاقية والسياسية للدولة القومية الحديثة، التي تأسست على جماجم الملايين من الضحايا المختلفين دينياً وعرقياً عن الترك، كما تثير السؤال عن مسؤولية الدولة التركية عن جرائم القتل والتهجير القسري التي حدثت منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى اليوم.

إن التعريف الذي أقرّته الأمم المتحدة عام ١٩٤٨ عن الإبادة العرقية أو التدمير المتعمّد لشعب ما ينطبق تماماً على المآسي التي حصلت للأرمن في مطلع القرن العشرين وكذلك للقوميات الأخرى غير التركية، التي تأبى الدولة التركية حتى الآن الاعتراف بحدوثها أو بمسؤوليتها الأخلاقية والسياسية والقانونية إزاءها.

لقد تنصلت الدولة التركية على الدوام من الاعتراف بهذه الجريمة الشاملة أو المسؤولية نحوها، وكانت تصف حرب الإبادة هذه، التي بلغ عدد ضحاياها بين المليون والمليون والنصف، بأنها مجرد مأساة أو نتيجة عرضية، غير متعمدة للحرب. وتنفي عن الدولة العثمانية أيّة نيّة ممنهجة لتصفية الأرمن أو أيّ تخطيط مركزية يستهدف إبادة عرق معين، فهي لم تكن سوى انحراف تاريخي عرضي لا يتسق مع الدور التركي في مسيرة الحضارة بحسب وصف منظري الدولة ومؤرخيها القوميين!

لقد أقرّت معاهدة سيفر ١٩٢٠ حق مقاضاة مجرمي الحرب، وبخاصة مرتكبي المجازر بحق الأرمن، إلا أن المصالح السياسية للدول الأوروبية وإنتهازيتها وقتئذ حالت دون تنفيذ هذا الإقرار. على العكس من ذلك، صادق البرلمان التركي عام ١٩٢٦ على اعتبار المتورطين الرئيسيين في تلك المجزرة أبطالاً قوميين للأمة التركية، لهذا كان من المتعذر على العقل السياسي التركي عدّ عددٍ من مؤسسي دولته وأبطاله القوميين ورموزه مجرمي حرب. فهذا الإقرار كان من شأنه أن يقوّض الشرعية الأخلاقية والسياسية للدولة القومية.

يبرز في هذا السياق الدور الخفي لتواطئ قناصل الدول الأوروبية مع الجلاد، عبر التزامهم الصمت إزاء حملات الإبادة الشاملة وغضّ الطرف عنها في حينها. وقد استمر هذا التواطؤ لعقود طويلة وقاسية من الصمت والمماطلة من جانب الحكومات الأوروبية والأمريكية بغرض عدم إغضاب تركيا، حتى اعتمد مجلس النوّاب الأمريكي أخيراً، وبأغلبية ساحقة القرار رقم(٢٩٦) الذي اعترف بقيام الدولة التركية بارتكاب مجازر إبادة ضد العرق الأرمني في تركيا أوائل القرن العشرين.

بدا القرن التاسع عشر من التاريخ العثماني هو الأطول والأقسى واستمر بظلّ شعورٍ، سائد وعميق، بالضعف والارتياب والخوف من التقسيم. فقد استمرت الدولة العثمانية أكثر من قرن آخر لا لأنها كانت قويّة، إنما بفضل ضعفها، ولأن الموت لم يكن ليأتيها إلا من خارجها. وتمثّل ذلك بانشغال الدول الكبرى خلال هذه الفترة بكيفية تقاسم جثة الرجل المريض الآخذة بالتفسخ التدريجي. هكذا تطورت الهويّة التركية الحديثة وسط رعب من محيطها وقلق نحو مستقبلها. وقد وجد الاتحاديون والقوميون الأتراك في مطالب المسيحيين والقوميات غير التركية سبباً رئيساً في تفكك الإمبراطورية، وعدّوهم بهذا الاعتبار طابورا خامساً لتدخل الدول الأجنبية. وهذا ما برر، من وجهة نظرهم، استخدام العنف الشامل ضدهم وإبادتهم.

لقد سيطر على الاتحاديين قناعة مفادها أن تركيا كي تحيا وتحافظ على أراضيها فعليهم التخلّص من {الخطر الأعظم} المتمثل في الأمم والشعوب غير التركية، ومن ثم ينبغي خلق تجانس عرقي وهويّاتي داخل الدولة، أيّ هوية إسلامية في صيغة تركية سائدة ومهيمنة على الهويّات الأخرى، بخلاف النظام الملّي الذي تأسست عليه الإمبراطورية العثمانية.

من هذا المنطلق سوّغ الاتحاديون فعلتهم في إبادة أمة بكاملها، وفي مرحلة تالية انصرفوا إلى تتريك القوميات الأخرى من المسلمين كالكرد عبر تهجيرهم قسريّاً وترحيلهم إلى المناطق التركية ودمجهم في مجتمعات غالبيتها تركية. أي تتريك الإمبراطورية بالدم والنار.

ربما كانت المشاعر الدينية الإسلامية في البداية قاسماً مشتركاً بين كل من شارك في المذبحة، ومنحتهم مبرراً عقائدياً للقيام بتلك الأفعال، إلا أنها لم تكن الحافز الرئيس لها. فالعامل السياسي التحريضي المباشر المستند إلى دوافع عرقية- سياسية هدفها التخلص من مجتمع مختلف عن الهوية التركية واجتثاثه من جذوره، كان وراء كل تلك الأفعال، التي حدثت باسم الإسلام، والمتمثل في خلق هوّية متجانسة عرقياً وثقافياً تطغى على الكل. إن المفارقات التاريخية التي صاحبت وقائع الإبادة تكشف بوضوح عن درجة استغلال مهندسيها للمشاعر الدينية في تنفيذ مخططهم. فالأرمن الذين أجبروا على اعتناق الإسلام كي يتجنبوا الأذى أو القتل، أو تحولوا إلى الإسلام كي يستطيعوا البقاء في مناطقهم أكرهوا على الترحيل وسلبت أملاكهم بأمر مباشر من طلعت باشا، بسبب من هويتهم القومية المختلفة.

لقد تطورت القومية التركية في صيغتها الطورانية على جماجم الأرمن والكرد، الذين شكلوا عقبة ديموغرافية وحاجزاً بين تركيا والعديد من المجموعات التركية في آسيا الوسطى، حيث سعى الاتحاديون للتواصل الجغرافي معهم بهدف إحياء إمبراطورية طورانية خالصة. فما أن تخلّص هؤلاء من الأرمن حتى شرعوا بارتكاب مذابح عرقية بحق الكرد وعمدوا إلى تهجيرهم قسراً وقمعهم عرقياً بالحديد والنار، بخاصة في النصف الأول من القرن العشرين. وكان الهدف الرئيس، كما بدا واضحاً، هو التخلص من السكان الأصليين غير الأتراك في الداخل، وتحقيق امتداد جغرافي وثقافي مع أتراك آسيا الوسطى. هكذا شرع العقل السياسي التركي يتخلص من رهاب شعوره بالعزلة الجغرافية والقلق والخوف من محيطه غير التركي. وكان ثمن هذا الطموح الأيديولوجي، المنحرف والمستحيل، باهظاً على الشعوب الأصلية كالأرمن والكرد والعرب والسريان. في نهاية المطاف سيظل الأرمن والكرد وسواهم يتذكرون آلامهم وحقد عدوهم عليهم مثلما لن ينسوا الصمت المستمر حتى اليوم من جانب أصدقائهم.

 

عن الشرق الأوسط
#حزب_سوريا_المستقبل
#مقالات

مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر كُتَّابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

عبد الله العتيبي يكتب: تركيا والأكراد والحقد التاريخي

الاندفاع الجنوني نحو العنف تجاه الأكراد من قبل الدولة التركية يثبت أن أحقاد التاريخ يمكن أن تؤثر في الواقع، حين تعجز الأنظمة السياسية عن إعادة تعريف هويتها الجامعة، في ظل تغيرات دولية كبرى.
لا يمكن فهم هذا العنف التركي المبالغ فيه تجاه أكراد سوريا، واندفاع تركيا لاحتلال أجزاء كبيرة من الدولة السورية، إلا باستحضار معضلة تركية قديمة، وهي الهلع التركي من التنوع العرقي أو الديني أو المذهبي للشعب التركي، والسعي التاريخي الدائم لجعل القومية التركية هي الحاكم المطلق الذي يشكل هوية الدولة التركية.
ما يقوله التاريخ هو أن الدولة التي تعتمد هويتها القومية على معاداة شريحة مهمة من شعبها ومواطنيها ستظل تعيش قلقاً مستمراً، واستقراراً مهدداً على الدوام؛ والقومية التركية التي تعد مرتكزاً أساسياً للدولة التركية الحديثة تعبر عن نفسها بشكل كبير عبر معاداة الأكراد، أو القومية الكردية. وهي لا تعترف أبداً بوجود غير المسلمين أو غير السنة من شعبها، مثل العلويين، وبالتالي بقيت هويتها القومية عنصر تفريقٍ لا عنصر جمعٍ وتوحيدٍ.
دفع هذا العداء المستحكم والحقد التاريخي التركي ضد الأكراد الجيش التركي إلى درجة استخدام الأسلحة المحرمة دولياً في مهاجمة الأكراد السوريين داخل حدود الدولة السورية، والسعي بالقوة العسكرية إلى تغيير التركيبة الديموغرافية لمواطني شمال شرقي سوريا.
ما تخشاه تركيا حقيقة ليس الأكراد في العراق وسوريا، بل الأكراد داخل تركيا، إذ تعد أي صعودٍ لقوة الأكراد في البلدين تهديداً داخلياً لها، لأنه قد يوقظ الطموح الكردي داخل تركيا للمطالبة بحقوق مواطنة كاملة، وهي تعتقد أن هذا يشكل تهديداً للهوية القومية التركية.
وفي امتدادٍ للإمبراطورية العثمانية، لا يبدو أن الدولة التركية تمتلك قدرة على التعامل مع الاختلاف إلا بالعنف، والاستعداد الدائم لارتكاب المجازر والمذابح، فمن يستحضر تعامل العثمانيين ومذابحهم للأرمن ومذابحهم لليونانيين وغيرهم، ويقارن ذلك بتعامل الدولة التركية الحديثة مع أقلياتها، لا يكاد يجد فوارق تذكر.
الموقف من تنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا والعراق يشكل أحد أكبر الفوارق بين موقف تركيا وموقف الأكراد؛ ففي حين اختارت تركيا إردوغان أن تتصالح مع «داعش»، وأن تبني علاقاتٍ واسعة مع مقاتليه اقتصادياً وسياسياً، اختار الأكراد محاربة التنظيم ومعاداته، وقد كان للأكراد دورٌ بارزٌ جداً في التحالف الدولي ضد «داعش»، وصولاً إلى دورهم في مقتل خليفة التنظيم المزعوم، أبي بكر البغدادي.
كان سقوط الخلافة العثمانية مدوياً في المنطقة والعالم، وحين سقط «الرجل المريض» ورثته بريطانيا وفرنسا في المنطقة، وتوالى استقلال الدول الحديثة عن الدولة العثمانية الباطشة الديكتاتورية، ودخولها في عصر الاستعمار الحديث، غير أن الأمة الكردية لم يكن لها نصيب في دولة مستقلة، وتوزعت بين كثير من الدول: العراق وسوريا عربياً، وإيران فارسياً، وتركيا تركياً؛ وهو ظلم تاريخي لم يجد فرصته للتعديل حتى اليوم.
ومع كل الإخلاص الذي أظهره الأكراد دائماً في تحالفهم مع الولايات المتحدة، فإنهم لم يحصدوا أي نتائج مرضية لهم منه. وما حدث مؤخراً من اضطراب في سياسات أميركا تجاههم يرسخ لديهم عدم الوثوق بأحدٍ في هذا العالم، سوى جبالهم التي لطالما حمتهم من المعتدين. فمرة تخلّي أميركا بينهم وبين تركيا، وتغض الطرف عن النية التركية لإظهار حقدها التاريخي بكل القوة الخشنة التي تملكها، ومرة تذكر بأنها لن تتخلى عن حلفائها الأكراد، وستعاقب تركيا إن ارتكبت المجازر في حقهم.
ويكاد يجتمع الفرقاء في متن المشهد السياسي التركي على أن القومية الكردية تهديدٌ كبيرٌ للدولة التركية والقومية التركية، والاختلاف بينهم في الدرجة لا في النوع. ويعاني الأكراد من كون معاداة الدولة التركية لهم أكثر من غيرهم من أقليات الهامش يدخل في تعريف الدولة التركية لنفسها وقوميتها وهويتها.
الرئيس التركي إردوغان، وهو ينتمي للإسلام السياسي طوال عمره، غيّر من مواقفه وقناعاته لخدمة طموحه السياسي وبراغماتيته العالية، وبينما كان يفترض به أن يدعم حقوق الأكراد بدافع الإسلام الجامع والانتماء للمذهب السنّي، فإنه تحالف مع القوميين الأتراك ضدهم، واستفاد من ذلك كثيراً في الداخل التركي، إلى أن وصل به الحال في هجومه على أكراد سوريا أن يستخدم الإسلام والقرآن لتشريع قتل الأكراد، وارتكاب المجازر ضدهم؛ وهذا مبدأ راسخ لدى كل جماعات ورموز الإسلام السياسي، وهو أن دين الإسلام مجرد وسيلة للاستحواذ على السلطة بأي طريقٍ وأي سبيلٍ.
تعاني السياسة التركية المعاصرة من تناقضاتٍ حادة جعلت حزب العدالة والتنمية يعاني كثيراً جرّاءها، داخلياً وخارجياً. فداخلياً، بدأت الانشقاقات تظهر في صفوف الحزب ورموزه، وبدأ الحزب يخسر في الانتخابات المهمة في أكبر المدن التركية، في إسطنبول وأنقرة، والعملة التركية تعاني من ضغط شديد يهزّ الاقتصاد التركي. وهي خارجياً لم تعد تعرف أين تتجه بوصلتها، فهي عضو في حلف الأطلسي وتطمح للانضمام للاتحاد الأوروبي من جهة، وتشتري صواريخ «إس 400» من روسيا وتسعى لتطوير العلاقات معها من جهة أخرى.
وفي المنطقة، خسرت تركيا كل تحالفاتها، ولم يبقَ لها إلا إيران وقطر، وهي تعلم جيداً أن المشروع الإيراني يناقض مشروعها التوسعي الخاص بها، ولكن لم تحن ساعة المواجهة بعد، وتعلم أن قطر مجرد تابعٍ صغيرٍ تستنزف موارده، وتبني قواعد عسكرية على أرضه، وتوبخ حكّامه متى ما أرادت، وهو ما جرى في زيارة وزير الخارجية التركي الأخيرة للدوحة، ولكنها عادت غالب الدول العربية الكبرى، فهي اختارت عداء مصر والسعودية والعراق وسوريا، وخسرت السودان، وفي طريقها لخسارة ليبيا، وباتت كثير من الدول العربية على وعي بالمطامع التركية في بلدانها، والمخاطر التي تشكلها على استقرار الدولة في العالم العربي.
لن تجد تركيا مخرجاً لنفسها ولمحيطها ما لم تكن قادرة على بناء هوية وطنية جامعة، تتخلى عن مخاوف التاريخ وإعاقاته، وتبني مستقبلاً واعداً لجميع مكوناتها، وكلما تأخرت في ذلك وقعت في مزيدٍ من التناقضات ومزيدٍ من العنف غير المبرر.

-عبدالله بن بجاد العتيبي
كاتب سعودي مهتم بالشّؤون السّياسيّة والثّقافيّة، وباحث في الحركات والتّيارات الإسلاميّة.

عن الشرق الأوسط

Top of Form

#حزب_سوريا_المستقبل
#مقالات
مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر كُتَّابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.