إبراهيم القفطان يكتب: القدسية والحقيقة المطلقة!

2٬781

- الإعلانات -

القدسية لا تصلح أن تكون لشيء، وكذلك الحقيقة المطلقة؛ فإن العادات والأعراف والتقاليد والعلوم النظرية والفكرية؛ فهي محط الأخذ والرد، وللعقل أن يرفض منها ما يشاء أو يقبله، فالإنسان الذي لا يحترم عقله هو بالضرورة إنسان لا قيمة له، والعجيب أن الفكر الإقصائي يصادم الحياة التعددية، بل ويتعارض مع الطبيعة النسبية للحقيقة، فكل يرى الحقيقة من نصيبه ومع ذلك؛ فإن الكون يتسع لهذا الاختلاف الذي هو من طبيعة البشر، فالحقيقة المطلقة نوع من الكمال الذي لا ينبغي لا أحد أن يتفرد بها. ولكنها؛ نظرات تكاملية للحقيقة من جوانب مختلفة، فنظرة من زاويتك ونظرة من زاوية غيرك، تصنعان صرحاً من الحضارة والتقدم العلمي والفكري؛ فإن السلوك الإقصائي مولود طبيعي للفكر الأحادي الرافض لتعدد الآراء الذي عبر عنه منذ زمن بعيد، وهو نوع من الشهوة السيادية الاستعبادية لجميع العقول ولسلب الحريات منها وربما تفنن أصحاب المصالح الذين يستميتون في قمع التعددية الفكرية لأسباب ظاهرها الدفاع عن الحقيقة المطلقة الواحدة بزعمهم، التي تتضمن في باطنها أسباب مهنية تتعلق بالمنصب والجاه والمال. ولذلك؛ يجب علينا أن نعلم أطفالنا منذ الصغر على حرية الاختيار وإبداء الرأي الذي يعتقدونه دون قهر أو خوف، ومن ثم احترام آراء الآخرين دون تسفيه أو تحقير لأي فكر أو قومية أو دين، ويجب أن ندربهم على التعايش مع ما حولهم رغم التعددات الفكرية والتسامح في اختلافات الرأي ووجهات النظر ولو شق هذا الأمر عليهم، وكما يجب تنبيههم على رفض أي نوع من الإقصاء للرأي الآخر، والتفريق بين الآراء وبين العداء والمواجهة للرأي الآخر؛ وبذلك نستطيع إخراج جيل وطني حر لا يقدس إلا العقل والإنسان بكينونته ونفعه لمجتمعه.

- الإعلانات -

صحيفة روناهي

- الإعلانات -