طالب إبراهيم يكتب: كيف تقتل تركيا وكيف تسير في الجنازة!

1٬939

سارعت السلطات التركية لاتهام القوى الكردية بتفجير خزان الوقود في عفرين بالأمس، والذي أودى بحياة العشرات. وسارع إعلام عصابة الاخوان المسلمين إلى ترديد الاتهام التركي، وتسارع فنانو الثورة الاخوانية و”الثروة القطرية”، وناشطوها، وإعلاميوها، ومجرموها، إلى تكرار الاتهام، كل حسب اجتهاده و”ريالته”، وثروته وثوريته.
حدث التفجير بعد أكثر من شهر على إعلان قوات سوريا الديمقراطية “في 24 آذار الفائت” وقف العمليات العسكرية، استجابة للنداء الأممي، لمواجهة فايروس كورونا، وأملاً أن يكون ذلك فاتحة للحوار والحل السياسي وإنهاء حالة الحرب.
لكن لتركيا رأي آخر. لم تتوقف عملياتها، ولا عدوانها، ولا استئجار القتلة وتحويلهم من قتلة مجهولين إلى قتلة مجندين قبل الإعلان الأممي وبعده.
سيطرت تركيا على عفرين كاملة، وهجرت أكثر من ثلثي شعبها، ونشرت ميليشياتها في كل تفاصيل المدينة والريف منها، وأنشأت سجونها لاعتقال العفرينيين رجالاً ونساءاً وأطفالاً، وتوزع المأجورون في كل الطرق والحارات، ينكلون بالأهالي الباقين، ويعيثون بالملكيات والأرزاق.
انتشرت ميليشيات المرتزقة السوريين، تحت مسميات جهادية وغير جهادية، في كل الأمكنة في عفرين، لا تخلو ساحة أو قرية أو شارع منهم، وأغلقت تركيا بهم وعبرهم كل الطرق المؤدية إلى عفرين إلا تلك المفتوحة على تركيا والمناطق التي تحتلها.
كيف عبر خزان الوقود المفخخ! وكيف وصل إلى عمق المدينة! وكيف انفجر، وأودى بحياة الأبرياء من العفرينيين بينهم 11 طفل! وكيف تستطيع تركيا المعتدية، والتي تفتح الطرق لجهادييها الذين تربّوا في حضنها، اتهام القوات الكردية التي دافعت عن عفرين بأنها خلف عملية التفجير!
أما كيف يستطيع ركاب الثورة السورية اتهام القوى الكردية، فهذا لا يحتاج إلى جواب.
قبل المؤامرة الروسية في تسليم عفرين للأتراك، كانت تعيش عفرين أفضل حالة مجتمعية يمكن أن تتواجد في هذا الشرق البائس. خلية عمل ونشاط لا ينقطع، تربية ودراسة وتعليم واستقبال نازحين، تنظيم أعمال فنية وبحثية وإغاثية، وتنظيم العمل، وإعطاء المرأة دورها الكامل، رغم أنف التقاليد والعادات والأديان. تحولت عفرين بأيدي أهلها وقواها المجتمعية والسياسية إلى كرم نشاط أخضر، هي المنطقة الخصبة اجتماعياً وسياسياً وفنياً تاريخياً.
لكن في هذا الكرم التاريخي، وهذا النشاط الأخضر، هل يسمح الجهادي اردوغان بذلك!
سمح لكل جهادي ومرتزق ومجرم بعبور حدوده لتنفيذ أجندة حكومة المافيات التركية في سوريا، قبل أن يشق طريق الجهاديين إلى عفرين، ووفّر المال والدعاية والطريق لهم، لتغيير التاريخ والجغرافية والسكان.
تحولت عفرين من جديد إلى خلية جهادية، يتنافس فيها الجهاديون والمرتزقة على القتل والسرقة والاستيلاء على الأملاك والمنافذ، يتصارعون فيما بينهم، ويقتتلون، ويفجرون بعضهم، وغيرهم، ويحولون عفرين الخضراء، إلى عباءة مطلية بالقتل والسواد.
في زمن مضى، كان طريق الجهادي يختلف عن طريق المرتزق، على الأقل بالشعارات، ولكن في كف اردوغان التركي، تحول الجهادي إلى مرتزق، والمرتزق إلى جهادي، لا تمايز بينهما ولا حتى بالشعارات.