اتفاق “موسكو” لوقف إطلاق النار في إدلب.. واقع هش يوحي بعودة المواجهة العسكرية

868

يسود منطقة “خفض التصعيد” في شمال غرب سوريا “هدوء حذر” بموجب اتفاق موسكو الأخير بين تركيا وروسيا، في الخامس من آذار الجاري، إلا أن المعطيات الميدانية والتعزيزات العسكرية التي يستقدمها طرفي النزاع وتحصينات الجبهات، فضلاً عن الخروقات المستمرة، تشير إلى مدى هشاشة الاتفاق، لاسيما مع رفض بعض فصائل المعارضة المسلحة، وهيئة تحرير الشام لهذا الاتفاق، الأمر الذي تجلى في قطع مسار أول دورية عسكرية روسية ـ تركية على طول الطريق السريع M4 في محافظة إدلب السورية الأحد المنصرم.

وبالنظر إلى المشاكل التي واجهتها الدورية المشتركة الأولى، والآلية التي ستضبط فيها الممر الأمني على طول طريق M4 من سراقب إلى الساحل السوري. فإنه يفترض تحييد جميع الفصائل الرافضة للاتفاق، وفي مقدمتها هيئة تحرير الشام/ النصرة، ولكن كيف سيتم ذلك، خاصة مع فشل المحاولات التركية خلال الفترة الماضية؟ وهل رفض هذه الجماعات للاتفاق، يهدد بنسفه، وعودة المعارك؛ التي انخرط فيها الجيش التركي بشكل مباشر، أم أن المسألة حسمت في الخامس من آذار الجاري في موسكو، نحو تطبيق كامل لاتفاق سوتشي؟

مهند دليقان: تصريحات “جيمس جيفري” حول إدلب يفسر رفض النصرة وأشباهها للاتفاق

حول ذلك قال عضو هيئة التفاوض السورية، وممثل منصة موسكو ضمن اللجنة الدستورية المصغرة، مهند دليقان، لأوغاريت بوست: ” إن رفض الاتفاق من قبل النصرة، وبعض أشباهها، هو أمر متوقع، وأفضل مكان للبحث عن تفسيره هو بيانات وتصريحات المبعوث الأمريكي، جيمس جيفري، الذي عبّر صراحة، وبشكل متكرر، عن رغبة محمومة في منع حل مسألة إدلب. لأنّ حلّها يعني إزالة عقبة كبرى أمام الحل السياسي في سورية وتالياً أمام تنفيذ 2254 وتحقيق الاستقرار.

والمتشددون من كل الأطراف يؤيدون جيفري عبر الهجوم على أستانا، بشكل صريح أو ضمني، وكذلك يفعلون بخصوص اتفاق موسكو الأخير.

ويضيف دليقان “قائمة الرافضين معروفة مسبقاً، أي قبل توقيع الاتفاق، ولذا فإن رفضها أمر محسوب مسبقاً أيضاً، ولذلك فإنّ الرفض لن يغير من حقيقة أن الاتفاق ماضٍ باتجاه التنفيذ الكامل، وبالتالي تنفيذ اتفاق سوتشي 2018 كاملاً”.

استقدام تعزيزات عسكرية من القوات التركية والحكومية السورية إلى إدلب لم تتوقف رغم الإعلان عن الاتفاق

وعلى الأرض يستقدم كل من الجيشين التركي والسوري، تعزيزات إلى تلك المنطقة، فمنذ بدء وقف إطلاق النار الجديد، دخلت المئات من الآليات التركية المحملة بالدبابات والمدرعات العسكرية، بالإضافة لآلاف الجنود، الأراضي السورية عبر معبر كفرلوسين في إدلب، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. كما تستقدم القوات الحكومية تعزيزاتها العسكرية إلى خطوط الجبهات

د. سليم الخراط: التحركات التركية في إدلب يوحي بعدم ثقتها باتمام اتفاق موسكو

ويرى الباحث والمحلل سياسي والأمين العام لحزب التضامن الوطني الديمقراطي، الدكتور سليم الخراط، في تصريح خاص “لأوغاريت بوست”، أنه وانطلاقاً من ملخص الاتفاق الأخير، والنقاط الخلافية المتروكة للوفود التقنية، وعدم الوضوح في معالم تنفيذ الاتفاق وآليته، والعناوين المبهمة في الاتفاق.. يظهر عدم ثقة الأطراف أو أحدها على الأقل بقدرة الاتفاق على الصمود لفترة طويلة.

إضافة إلى رفض مباشر من قبل هيئة تحرير الشام وغيرها للاتفاق، من خلال الادعاء بالرفض الشعبي الذي تم الدعوة اليه من ناشطين، ومحاولتهم تفجير طريق الدوريات بالتظاهر.

لذلك لا بد من معرفة كيف سيبت في تطبيق الاتفاق، والذي لن يكون إلا عبر لقاءات الوفدين التقنيين الروسي والتركي، اللذين سيلتقيان في أنقرة للبحث تفصيلا في آلية تطبيق بنود الاتفاق.

ويضيف الخراط، أن تحركات تركيا العسكرية المستمرة في إدلب، يوحي بعدم الثقة باتمام أنقرة لتنفيذ الاتفاق وصموده، فأنقرة لا تزال تتوعد بأعمال انفرادية وانتقام، إن لم يتم الإيفاء بالوعود المقدمة لها في مشاركتها تنفيذ الاتفاق والمخفي مازال أعظم.

أما عن النتائج المترتبة على عدم تنفيذ الاتفاق، يؤكد، د. سليم الخراط، أنه حتما سيكون الرد من جديد في التمهيد الروسي لعودة التصعيد العسكري في إدلب، وبالتالي التحرك المباشر للقوات الحكومية للقيام بمهامها ميدانيا، في حال انهيار الاتفاق.

حيث سبق وتم تأكيد روسي لموقفها الحازم، عبر تهديدها المباشر والصارم لأردوغان، والذي سبقه قصف جوي محكم، أوقف الصدامات الدامية ميدانيا.

واعتبر الباحث السياسي أن الموقف يسير نحو نهاية محتومة تحدد مستقبل سورية ونهاية المعارضة المسلحة المعتدلة أو المتطرفة بالشكل النهائي على يد القوات الحكومية.

إبراهيم القفطان: مشروع المعارضة والتيارات الإسلامية لا يتقاطع مع المشروع وطني لأنها تتبع مموليها

أما رئيس حزب سوريا المستقبل، إبراهيم القفطان، أوضح لأوغاريت: “بأن مشروع المعارضة والتيارات الاسلامية الرديكالية لا يتقاطع مع المشروع الوطني السوري بل يتقاطع مع حكومة اردوغان ومشروعها التوسعي وتحقيق الايدلوجية العابرة للقارات وهذا ما يجعل هذه التيارات العوبة بيد تركيا وهي لا تستطيع رفض أي اتفاق يقوم به “الخليفة” أردوغان وهو من يتحكم بهذه الفصائل لأنه هو من يمتلك التمويل، لذلك تركيا وحزب العدالة والتنمية يسعى إلى تحقيق مصالحه مع روسيا وأمريكا وإيران على حساب الشعب السوري.”

أما هيئة تحرير الشام وغيرها من الفصائل فتوقف علاقاتها مع أي طرف في حال قطعت هذه الأطراف التمويل المالي وليس على أساس مشروع وطني. هي أمرين، الأول: مصالح الدول، والآخر: فقدان الفصائل السورية لمشروع وطني. لأن فصائل المعارضة ليس لديها قرار في اي عمل، حيث تحولت المسألة السورية إلى لاعبين دوليين.” ويضيف القفطان “هذا ما دفعنا نحن حزب سوريا المستقبل أو الإدارة الذاتية أو مجلس سوريا الديمقراطية للدعوة إلى الحوار السوري السوري، وأن يكون الدور الأساسي لأبناء سوريا في حل الأزمة.”

منقول من موقع أوغاريت بوست (مركز الأخبار)

إعداد وحوار: رزان أيوبي