التقرير السياسي لشهر أيلول الصادر عن المجلس العام لحزب سوريا المستقبل
تدخل القضية السورية منعطفاً جديداً بعد الإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية، وتغير مسار جنيف ومقرراته واعتماد الطروحات التي قدمها السيد ستيفان دي مستورا بسلاله الأربعة بحسب ترتيبها: الحكم الانتقالي، الدستور، الانتخابات، مكافحة الإرهاب ، وفقاً للقرار الأممي 2254 لعام 2015 المتضمن حلاً سياسياً شاملاً للقضية السورية. إلا أن الأمين العام للأمم المتحدة، أعلن عن تشكيل اللجنة الدستورية السورية، بعد جهودٍ لمبعوثه الخاص إلى سورية غير بيدرسن .
والتي ولدت فكرتها خلال “مؤتمر الحوار الوطني السوري” بمدينة سوتشي الروسية، والذي يأتي تجاوزاً لقرار جنيف ٢٢٥٤ وكذلك لإحدى أهم السلال والملفات التي تبنتها الأمم المتحدة في مسارها لحل القضية، وهي سلة الحكم الانتقالي، المتضمنة هيئة حكم انتقالي ذات صلاحيات تنفيذية واسعة ، تشرف فيما بعد على صياغة دستور جديد والإعداد لانتخابات بإشراف الأمم المتحدة. وإن “تجاوز موضوع السلال الأربع لصالح اللجنة الدستورية، يأتي لتفادي تصلّب السلطة السورية بطرح هذه السلة (الحكم الانتقالي)، فهو يرفض رفضاً باتاً طرحها . لذلك كان لا بد من القبول باللجنة، أو تقديم ملفها على باقي الملفات”. إلا أن السلطة السورية مازالت تعمل على تعطيل عمل اللجنة عبر خلق عراقيل والاستناد إلى تأويلات للنصوص، وهو سيعمل على رفض نقاش صياغة دستور جديد لسورية، ونقل الخلافات إلى داخل اللجنة، مستفيداً من أنه لا يمكن تمرير أي قرار إلا بنسبة 75 في المائة أي ١١٣ عضو ، ولا تملك أي جهة منفردة لوحدها الحصول على ذلك، وهو ما سيجعل النظام يعطي انطباعاً بأن اللجنة مشلولة وغير قادرة على التوصل إلى نتائج ملموسة، أو حسم الملفات الحساسة”.
وإن اللجنة الدستورية بحد ذاتها هي مخالفة والتفاف على القرار 2254 الذي يعتبر أساس العملية السياسية. الذي نص على تطبيق بيان جنيف لعام 2012 ووضع لذلك خطة عمل تقوم على مفاوضات لمدة ستة أشهر يكون هدفها الوحيد هو تشكيل حكم انتقالي شامل وغير طائفي يتولى كل السلطات التنفيذية في الدولة، وبعدها تكون مهمتها الوحيدة وضع دستور جديد للبلاد وتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية بموجب الدستور الجديد خلال 18 شهراً.
أما موضوع اللجنة الدستورية هو قرار روسي تم تمريره عبر تكاتف ثلاث قوى تركيا وإيران وروسيا . وإن الاستمرار في اللجنة الدستورية يعني الابتعاد عن بيان جنيف وعن المرحلة الانتقالية التي تديرها هيئة الحكم الانتقالي .
في حين تواجه مناطق شرق الفرات ، تحديات جمة من مختلف الجوانب، بعد انتزاعها من سيطرة تنظيم داعش الارهابي وتتمثل هذه التحديات بالوضع الأمني ومحاكمة الدواعش ,والبنية التحتية شبه المدمرة في بعض المناطق. والواقع السياسي وعدم مشاركتهم في المحافل الدولية . ورفض بعض الأطراف وفي مقدمتها تركيا، في حين يسعى سكان هذه المناطق أن يكون لهم دور في سوريا الجديدة إما عبر مجلس سوريا الديمقراطية أو حزب سوريا المستقبل الذي ينشط بكثافة في تلك المناطق .
لكن يبدو أن اهتمام الأطراف المعنية في الأزمة السورية يسير باتجاه بعض القضايا ، وفي مقدمتها المنطقة الآمنة بين تركيا وسوريا والتي غدت مثار جدل واسع بين مختلف الجهات والاتجاهات رغم التوصل إلى حل ما بين قوات سوريا الديمقراطية وتركيا بوساطة أمريكية.
في تقييم يتناقض مع ما تصرح به أنقرة، بخصوص المنطقة الآمنة . وما تعانيه هذه المنطقة من ضغوطات دولية وإقليمية ومحاربة الارهاب . تسعى تركيا لخلط الأوراق وتوسع نفوذها عبر مسميات ومسارات تارةً المنطقة الآمنة وأخرى ممر السلام وعودة المهجرين وكل ذلك لا يصب بمصلحة سوريا ولا السوريين بل إلى تغير ديمغرافي للمنطقة كما حصل في عفرين والغوطة ورغبتها في انشاء قواعد عسكرية في الشمال الشرق من سوريا على غرار مافعلت في شمال غرب سوريا والعراق والسودان وليبيا والصومال وعودة النفوذ العثماني والامبراطورية من جديد وتقسيم سوريا . وقد تُضطر أنقرة إلى التخلّي عن فكرة الانتقال السياسي في سورية، مقابل التوصل إلى تسوية تُستبعَد منها الإدارة الذاتية ، وتسهيل عودة اللاجئين السوريين من تركيا. لكن أنقرة ستواصل ، السير على حبل رفيع لأطول فترة ممكنة ما بين روسيا وأمريكا .
ولا يمكن أن نغفل عما يحصل في سوريا عامة وإدلب ودير الزور من انتهاكات لحقوق الانسان وممارسة العنف مما جعل أبناء المنطقة يطالبون دخول قوات سوريا الديمقراطية إلى دير الزور.
وما يعانيه المدنيون من نقص الحاجات المعيشية الأساسية كالمياه والدعم الطبي والبنى التحتية واستمرار التقدم البري للسلطة السوري وحلفائه بمنطقة خفض التصعيد بإدلب شمالي سوريا -رغم كل الاتفاقات- وتوسع نطاق المذابح بحق المدنيين وموجات النزوح، حيث يواصل النظام هجماته العنيفة في المنطقة متجاهلاً كافة الاتفاقات.
تتشابه التحديات التي تواجهها المناطق التي خرجت عن سيطرة تنظيم داعش الارهابي من كلفة الحرب وثمنها الباهظ، الذي أدى إلى انهيار البنية التحتية فيها. إلى جانب ذلك التحدي الأمني المتمثل بخلايا التنظيم التي تنشط بشكل متفاوت في مختلف المناطق، فرغم القضاء على دولته الفعلية إلا أن دولته الافتراضية لازالت قائمة فضلاً عن بؤرها الإقليمية والعالمية.
والتحدي الآخر يتمثل بتهديدات الحكومة للسيطرة على تلك المناطق وضمها إليه لا سيما دير الزور ، فضلاً عن تهديدات تركيا التي ترفض الآن التعامل مع إدارة هذه المناطق.
أما التحدي المستقبلي الأبرز، فهو مدى قدرة الأطراف السياسية في شمال شرق سوريا والمتمثلة بمجلس سوريا الديمقراطية، وحزب سوريا المستقبل، في تمثيل مكونات تلك المنطقة وعشائرها، في أي عملية سياسية في سوريا المستقبل.
ورغم إيماننا وسعينا في حزب سوريا المستقبل بالحل الشامل لسورية لا الحلول الجزئية لمنطقة دون أخرى وبناء دولة قوية مبنية على أسس دستورية ديمقراطية لامركزية تحترم متطلبات شعبها وحقوقهم عبر مسارات الحل السياسي واعتماد الحوار الوطني أساس للحل وكذلك جنيف والقرار الأممي ٢٢٥٤ بتراتبيته .
#حزب_سوريا_المستقبل
#المجلس_العام
#التقرير_السياسي
#أيلول