طالب إبراهيم يكتب: أمريكا تنتظر القرار السعودي!

1٬118

 

في مغامرة عسكرية حديثة لإيران، قلبت فيها قواعد الاشتباك، وفتحت مساراً نوعيّاً في الإقليم، استهدفت أحد أغزر مناطق إنتاج وتصريف النفط في العالم، فقد تعرضت منشآت نفطية سعودية في منطقتي بقيق وخريص إلى هجوم عبر طائرات درونز أو صواريخ بعيدة المدى أو كليهما، من جهة خاضعة لسيطرة إيرانية، أدت إلى توقف تصدير النفط واشتعال النيران في منطقة تصدّر ما نسبته 7% من النفط العالمي، إلى الصين والهند وكوريا الجنوبية واليابان، مما أثر بشكل مباشر على أسواق النفط العالمية وأسعاره.
أعلن الحوثيون في اليمن مسؤوليتهم عن العملية، لكن الأمريكان نفوا ذلك، وأشاروا بأصابع الاتهام إلى إيران، معتمدين على نتائج رصدهم الخاص، ومؤكدين عدم قدرة الحوثيين على فعل ذلك.
قال الرئيس الأمريكي ترامب، إن لدى أمريكا القدرة على الرد بسرعة وبقوة، لكنهم ينتظرون القرار السعودي. قبل أن يقول “إن أمريكا لا تحتاج إلى نفط الخليج ولا إلى غازه، فهي تنتج ما يكفيها، وهي تسابق العالم في إنتاج المادتين الآن”. لا يحتاج ترامب نفط الخليج وغازه صحيح، لأنه يستهدف المال الناتج عن بيع هذا المنتوج للشرق الأقصى. ولكن “إذا أراد الأصدقاء أن نساعدهم فسنقوم بذلك”.
تحمل ردود ترامب فيما يتعلق بالمغامرة الإيرانية جوابين، الأول أن على الخليجيين أن يدفعوا ثمن أي رد فعل أمريكي على الهجوم إذا نوت أمريكا عليه، والثاني إن نوعية الرد وزمنه وساحته تحدده أمريكا.
كشف نائب أمريكي جمهوري أهمية السعودية، بوضوح حين قال: “إن السعودية ليست الولاية 51 الأمريكية”، حتى يتم الاهتمام بها، وبمحاسبة من يهاجمها.
سخر الرئيس الروسي في أنقرة، من السعودية، ومن صواريخ الاعتراض الأمريكية، وهو يجيب عن سؤال أحد الصحفيين حول الحدث السعودي. وطلب من السعودية أن تشتري ال S300 أو ال 400S، كما فعلت إيران وتركيا والهند. لأن “هذه الصواريخ تحمي سماءهم جيداً”، على عكس المضادات الأمريكية باتريوت الباهظة الثمن، والتي لا تقوم بالمهمة الموكولة لها، وهجوم إيران الأخير يكشف ذلك.
فشلت الباتريوت الأمريكية بحماية السماء السعودية، وهي ليست المرة الأولى التي تفشل في ذلك، فقد سقطت صواريخ الحوثيين في فترات سابقة، على مدن ومقار وأماكن سعودية، وبطرق عديدة. لكن الهجوم الإيراني الأخير، هو المرة الأولى التي تقوم بها أدوات إيرانية رخيصة الثمن، بتفجير أغلى منشأة نفطية بالعالم.
هي مغامرة إيرانية، لكني أعتقد أنها تحقق لإيران مكاسب كبيرة.
لقد أظهرت قوة إيران العسكرية، في مساحات عمل السلاح الأمريكي، وفي مساحات ميزانية الخليج الوحيدة.
فتحت مسارات المواجهة المحدودة، بغية تغيير قواعد اللعبة، وتعديل قواعد الحصار.
إعادة إيران إلى الساحة الإقليمية من أوسع أبوابها. باب الفوز على الخصوم في عقر دارهم، وبالضربة القاضية. والخصوم في هذه الحالة ليست أمريكا ولكن الخليج، المرهون للقرار والقوة الأمريكية.
تعديل موازين القوة في الإقليم، والتذكير بالساحة السورية، عبر زيادة الحشود الإيرانية في مناطق الاشتباك الرئيسية، خاصة المناطق المتاخمة لشرق الفرات. رغم الحديث الغربي الدائم، عن ضرورة مغادرة إيران الساحة السورية.
استهداف منشآت النفط في السعودية هي إشارة لاستهدافه في كل الخليج، مع إرسال درون واحدة لتتجول فوق القصر الأميري في الكويت للتدليل على أن من قام بقصف السعودية سيعمد إلى قصف غيرها، ولديه الإمكانيات. لكن هل تريد إيران الحرب مع أمريكا؟
لا. قالها أكثر من مسؤول إيراني. لا يريدون الحرب مع أمريكا. وقال الأمين العام لحزب الله اللبناني ذلك بطريقة أخرى، “الحرب ضد إيران، يعني إشعال المنطقة”. لذلك حذاري من الحرب معها.
ربما ترد أمريكا في العراق أو في سوريا أو في لبنان، لكنها لن ترد في إيران، كما يشتهي السعوديون. إيران اليوم، هي الدجاجة التي تبيض فرصاً ذهبية، بعد غياب فرصة “صدام حسين” الذهبية. لذلك من الواجب الأمريكي الحفاظ عليها. ومسلسل التهديدات والحصارات والتواصل عبر الوسائط، أثمر بكثير من الحرب.