طالب إبراهيم يكتب: رجل أمن برتبة.. المفتي!

1٬107

في لقائه مع قناة الاخبارية السورية، بمناسبة رأس السنة الهجرية،  قدم السيد أحمد بدر الدين حسون مفتي سوريا، خطاب النظام السوري السياسي كاملاً، مستعينا بصوت ديني بغنة حيناً، وبدون غنّة حيناً آخر.

اعتبر أن الإسلام باق في سوريا إلى يوم القيامة، ودليله “المؤكد” على ذلك، أن المسيح عائد إليها. وطالب الإدارة الذاتية بألا ترفع رأسها أبداً، لأنها رضخت للأمريكيين. ولأنها تخلت عن 10 كلم من سوريا باتفاقاتها حول المنطقة الأمنية مع الأتراك. واستغرب حسون كيف يتحالف “الأخوة الأكراد” مع الأمريكان ويتجاهلون الجيش “العربي” السوري.

يغيب في اللقاء مع سماحة المفتي الحسون، دوره الديني المكلف به والذي يتقاضى عليه أجره وثوابه وزكاته ومكانته، ويحضر دوره الأمني بشكل واضح، دور رجل الأجهزة الأمنية السورية في المساحات السياسية والعسكرية والإعلامية لسوريا المأزومة.

الحسون من مواليد حلب سنة 1949، يحمل إجازة في الأدب العربي، ودكتوراه في الفقه الشافعي، وهو عضو مجلس الافتاء الأعلى في سوريا، وعضو مجلس الشعب لدورتين تشريعيتين. لكنه يقوم بمهمة أمنية وإعلامية ودعائية، هي مهمة “المفتي العام”.

في حديث سابق اعتبر الحسون أن حدود سوريا من لواء اسكندرون إلى قطاع غزة. لم يعترض اللوائيون لأنهم لا يجيدون العربية، ولا يصغون لمفتي سوريا، فلهم مفتي آخر. ولم يعترض الغزّاويون لأنهم يعرفون أن الحسون لا يعني ما يقول.

كان ذلك قبل أن يقول إن باب “العودة إلى الصواب” مفتوح أمام جميع أبناء سوريا، ففي العودة إلى حضن الوطن يتجلى “جمال الغفران وحلاوة الرجوع عن الخطأ”. قالها في طرطوس عاصمة القاعدة البحرية العسكرية الروسية، وبحضور محافظ طرطوس، وأمين فرع حزب البعث. وقبل أن يتم اعتقال العشرات من اللاجئين السوريين، ممن عادوا إلى سوريا قادمين من لبنان، وقبل اعتقال آخرين من عناصر وقيادات المصالحات، الذين ساهموا بوقف القتال مع الجيش “العربي” السوري، وعادوا إلى حضن الوطن ليتذوقوا “حلاوة الرجوع عن الخطأ” من بوابات روسية أو أمنية أو عسكرية.

يقوم المفتي السوري بدوره الأمني على أكمل وجه. يتشدد في مواقفه الدينية، ويهدد أوروبا بسيل من المتشددين والعمليات الإرهابية، إذا احتاج النظام السوري إلى إبراز أوراق قوته، في المحافل الأوروبية. في ذات الوقت الذي يظهر فيها مرونته وتلوّنه وتحرّره وحضارته، وهو يوزع جوائز “دينية” ومصاحف لفنانين سوريين وعرب، يرتدون ما خفّ من الثياب، ويبتسمون لوجه المفتي الصبوح، ولعين الكاميرا الصبوحة.

الحسون لسان متلون، فوق سجادة رمادية واسعة، يطلب من الإدارة “الكردية” حسب وصفه، أن تطوي رأسها خجلاً، بسبب تحالفها مع الأمريكان، وهو يرفع رأسه “مترفاً” بسبب تحالف نظامه مع الروس والإيرانيين وكتائب “الدين ممنوع” وكتائب “الرزق على الله” وكتائب أبو العباس.

يستغرب من تفاهمات حول منطقة أمنية مع الأتراك، منطقة قد تحمي الشمال السوري من تهديدات تركيا وميليشياتها العسكرية والمتطرفة، ويعمي بصره عن اتفاقات أمنية سابقة مع الأتراك ذاتهم، اتفاقات اقتضت بحذف مناطق جغرافية سورية وسيادة سورية في الشمال والجنوب، واتفاقات أخرى مع الروس اقتضت بحذف مناطق في الساحل والداخل.

ليس الحسون فرداً واحداً أو “روبوتاً” جاهلاً في مساحة استعمال الأمن السوري. الحسون جهاز كامل، مساحة كبيرة من الأفراد والمؤسسات والتجمعات التي يستهدفها النظام، لخلق التبعية والإتباع الأعمى.

يقوم الحسون بدور كبير لرجل أمن مستور في جهاز تسويق النظام وسياساته، ولكن في عباءة مفتي عام.

#حزب_سوريا_المستقبل
#مقالات

مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر كُتَّابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.