رياض درار.. ورشة باريس والأسئلة الصعبة

1٬365

 

رياض درار الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية “مسد”. مواليد دير الزور 1954 خريج كلية الآداب قسم لغة عربية من جامعة دمشق.
كان توجهه في مرحلة الشباب قومي ناصري، قبل أن يتفرغ للعمل المنبري كخطيب مسجد عام 1987.
توقف عن الخطابة عام 1998لأسباب أمنية. اعتقد الأمن السوري في ذاك الوقت، أنه يطرح أفكاراً لا تتماشى مع حاجة السلطة. أفكار “تنويرية” وأفكار تتعلق بالمقاربة العلمانية الإسلامية.
عاد للعمل السياسي عام 2000 مع لجان إحياء المجتمع المدني.
ألقى كلمة عزاء الشيخ معشوق الخزنوي، وتعرض على أثرها للاعتقال مدة 5 سنوات، بتهمة التحريض العنصري.
اختار مع بداية الأحداث في سوريا، خط هيئة التنسيق الوطنية لقوى الثورة والمعارضة. شارك في التأسيس، وكان عضواً في الهيئة التنفيذية حتى خروجه منها عام 2014.
في حوار سابق، كان صوت الأستاذ رياض ضعيفاً ومتقطعاً، وهو يجيبني عن أسئلتي، وحين استفسرت عن السبب، أجاب أنه خرج للتو من غرفة العناية المشددة في مشفى في العاصمة النمساوية فيينا.
في حواري هذا، كان صوته قويّاً واضحاً، قال لي: “إني كالفانوس، أضيئ حيناً، وأنطفئ حيناً آخر”.
-لماذا ورشة باريس؟
-بعد عقد ثلاثة مؤتمرات حوارية في الداخل السوري، باسم الحوار السوري السوري في بلدة عين عيسى وكوباني، لم نصل إلى الغايات المنشودة. طرحنا أفكاراً وأوراقاً. المسألة لا ترتبط بالمشاركين طبعاً. كلنا نعرف أن معارضة الداخل محكومة بوجودها تحت سيطرة وهيمنة الحكومة السورية. ولم تشارك معارضة الخارج إلا بأعداد قليلة. سلكنا اسلوباً آخر للحديث مع أطياف من المعارضة خارج سوريا. المعارضة السورية تعيش اليوم في المهاجر، لذلك بدأنا بورشة باريس، ولدينا ورشات أخرى في فيينا وألمانيا، وربما في بلدان أخرى.
الغاية من الورشات، هو محاول الوصول مع السوريين إلى نقاط مشتركة يمكن أن تكون وسيلة للدعوة إلى مؤتمر المعارضة الديمقراطية، التي تسبق مؤتمراً وطنياً جامعاً.
-هل كانت الدعوات تنظيمية أو شخصية؟
كانت الدعوات شخصية. اخترنا شخصيات نعرف توجهها وخطها وممارساتها السياسية، وأبعادها الانتمائية. لم نطلب أن تعلن الشخصيات عن انتمائها السياسي إلا إذا أرادت ذلك. حتى نصل إلى المرحلة التي يكون فيها التقاء القوى السياسية عبر هؤلاء المشاركين. سيوصلون أعمال الورشات إلى رفاقهم وزملائهم، بغية إقناعهم لدعوة أوسع في المراحل اللاحقة. بالنسبة إلى القوى الموجودة، والمدعوة باسماء الشخصيات الحاضرة، تم اختيارها من الناشطين الفاعلين، الذين لهم دور في الحراك المدني والسياسي. في ورشة باريس كان هناك نتائج طيبة لعب الاختيار دوراً في ذلك.
-ما هي النقاط المحورية لورشة باريس والورشات القادمة؟
هناك ثلاثة محاور لكل ورشة. المحور الأول كان الحديث عن الإدارة الذاتية. انجازاتها والمعوقات التي تحصل، وعن الآراء والأفكار النمطية التي قيلت عنها من قبل المعارضين والسياسيين بسبب الإعلام المعادي الذي أعطى صورة سلبية عن نشاطها.
بعد الانتصار على داعش في الباغوز، أتاح الوقت للإدارة للتوجه السياسي والإعلامي، وإلى المواجهة المباشرة مع ما تتعرض له من هجوم إعلامي مغرض، وهجوم على السوريين المقيمين في مناطق شمال وشرق سوريا. لا أقول مواجهة دفاعية، بل مواجهة تبيّن للناس حقيقة الأمور.
المحور الثاني كان دراسة خارطة الطريق التي كانت نتاجاً للمؤتمر الحواري الثالث، الذي عقد في آذار الماضي في كوباني. هي أوراق أعددناها سابقاً، يمكن وضعها في أيدي المشاركين، وهي حقيقة مفتاح لتطوير هذه الأفكار،لأن ما أنتجناه نعتقد أنه مهم وننتظر الإضافات من الآخرين.
المحور الثالث كان الدعوة لمؤتمر القوى المعارضة الديمقراطية. سندعو إليه بعد إنجاز الورشات.
نتحدث في الورشات عن آليات الدعوة إلى هذا المؤتمر. عن أهدافه وأفكاره عن الشخصيات التي يمكن أن تمثل فيه. طبعا هذا أمر أولي في طرح هذه النقاط، وسيلحق بذلك لقاء أخير لإنجاز الدعوة.
من جهة أخرى، قام مركز الأبحاث السورية الذي يشرف عليه الدكتور خالد عيسى، والصديق باقر كردو، بالمساعدة في إعداد الدعوات في باريس والمتابعة اللوجستية. لهما كل الشكر، كانا الحاضرين الغائبين في هذه الجلسات.
-هل ظهرت خلافات في ورشة باريس؟
سادت حوارات راقية وإيجابية، وكان هناك آراء مختلفة وتم نقاشها. كان هناك سعة صدر لدى الجميع، تم استيعاب الخلافات التي ظهرت. وفي النهاية توقف الجميع عند المشتركات. لذلك أستطيع القول إن أعمال الورشة كانت ناجحة بامتياز. قدم الجميع أفكاراً إيجابية، وحلولاً متصورة، وساد جو من التفاهم. وساهم أعضاء مجلس سوريا الديمقراطية، في تقديم صورة واضحة عن كل الأسئلة التي تم طرحها، في الجلسات.
-هل كان لدى بعض المشاركين نقص في المعلومات حول الإدارة الذاتية؟
كما كان هناك نقص معلومات عن الإدارة الذاتية، كان هناك نقص معلومات عن مجلس سوريا الديمقراطية “مسد”، وقوات سوريا الديمقراطية “قسد”. استوجب ذلك الشرح الوافي. مسد هي المظلة السياسية للحالة التنفيذية الممثلة في الإدارة الذاتية والحالة العسكرية الممثلة في قسد.
الخلط بين هذه الأسماء هو دليل عدم معرفة وعدم متابعة. الأطراف الثلاثة السابقة هي طرف سياسي وطرف تنفيذي وطرف عسكري. ما يجب قوله هنا أن مسد هي من يضع السياسات، وترسم الأهداف. والجميع ينفذ على ضوئها هذه المقررات. وهذا سبب نجاح الموضوع. لا تتدخل مسد في فعاليات العمل العسكري، لكننا نعمل على دعم هذا التوجه. مسد ترسم صفة الخصوم التي تواجهنا. قامت قسد بأعمال عظيمة، وفي مرحلة ما كان الجميع وراءها. تلك المرحلة كانت مرحلة مواجهة عسكرية مع الخصوم. بعد الانتصار على داعش، والبدء في المرحلة الأمنية عاد الوجه السياسي لفعالياته، والآن نعيش نشاط سياسي محموم ومتواتر، والذي سيفرز نتائج واضحة ومهمة في الفترة القريبة القادمة.
-يعلّق بعض السياسيين والمعارضين السوريين، أن قسد تهيمن على مسد، ما مدى صحة هذه التعليقات؟
من المغالطات التي نسمع بها، هو هيمنة قسد على مسد. هذا شيء غير صحيح. لأن مسد هي المظلة السياسية لقسد. وتعلن قسد دائماً أنها ملتزمة بخط مسد السياسي. عندما كان هناك أولوية للمواجهة العسكرية، كان هناك حاجة ملحة لبروز قسد، بسبب إدارتها لمعركة قاسية. كانت ترسم أهدافها بدقة.
-يعتبر آخرون أن هناك هيمنة للمكون الكردي على المكونات الأخرى. هل هذا صحيح؟
هذه مغالطة ثانية تظهر في الشارع السوري والشارع المعارض أيضاً، أن المجموعة التي تتحرك فيها المنطقة هي مجموعة كردية، وتتبع لها بقية الفعاليات. علينا ألا ننكر أن المشروع بدأ كرديّاً. قام المكون الكردي بالدفاع عن مناطقه بجسارة، في الفترة التي انشغل بها الآخرون بالتصورات للإنجاز السياسي الذي تقوده المعارضة، التي أثبتت فشلها في مسار الأحداث. وتراجعها وارتهانها للدول الداعمة. بينما المشروع الذي بدأ من سوريا على أيدي رفاقنا وأصدقائنا الكرد، وفي حزب الاتحاد الديمقراطي “PYD” خاصة، استطاعوا أن يقيموا الإنجاز الأول في وحدة العمل المجتمعي السياسي في المنطقة. وفي مواجهة الهجوم الداعشي والذي جاء بعد هجوم جبهة النصرة وأخواتها على “رأس العين”، هنا بدأ التسليح وظهرت قوات وحدات حماية الشعب. وقوات حماية المرأة. أنجزت القوات حماية المنطقة والدفاع عن أهاليها، وصولاً إلى معركة كوباني معركة الصمود االكبرى، التي غيرت المواقف الدولية، وأعطت تصوراً دولياً لهذه القوات. فتشارك التحالف الدولي معها، قبل أن تتحول لاحقاً إلى قوات سوريا الديمقراطية، وجاءت تسميتها بعد تشكيل مجلس سوريا الديمقراطية في كانون الأول 2015.
هنا بدأت الجولة الجديدة للعمل السياسي المعارض، العمل المشترك لكافة المكونات، العربية منها والآشورية السريانية والأرمنية والتركمانية، بالإضافة إلى الكردية، عمل بفعالية مجتمعية واضحة، ونظم سياسية.
أعتقد أن الصورة احتاجت إلى هذه التحولات بين البداية، وإلى ما قبل النهاية، لأن النهاية لدينا هو المشروع السوري، وهو وحدة سوريا أرضاً وشعباً، وتحقيق الانجاز الديمقراطي في السياسة والحكم، على أرضية مشروع اللامركزية، والإدارات الذاتية التي تدير نفسها بنفسها للتخلص من التحكم الاستبدادي الذي عرفته سوريا في فترة سوداء مظلمة لسنوات طويلة.

حوار طالب إبراهيم