ذات صلة

الرئيسة المشتركة لحزب سوريا المستقبل كوثر دوكو خلال حوار صحفي مع جريدة السوري تؤكد: الحل السوري يبدأ بإنهاء العدوان التركي ودعم الحوار الداخلي

نص الحوار:

أكدت كوثر دوكو؛ أن نموذج الإدارة الذاتية وما حققته من تطلعات، يقضّ مضجع الاحتلال، والسبب الرئيسي وراء الهجمات هو ضرب أمان واستقرار المنطقة وإطالة الأزمات السورية وتدمير بنية المجتمع السوري، والوقت أصبح مناسب ليتذكر السوريون أنهم سوريون فعلاً.

وفي إطار الهجمات البربرية التي تقوم بها دولة الاحتلال التركية بين الحين والآخر، والصمت الدولي، وعدم إقرار حكومة دمشق بأي إدانة اتجاه هذه الهجمات كان لصحيفتنا “السوري” لقاءًا مطولا مع كوثر دوكو الرئاسة المشتركة لحزب سوريا المستقبل.

1. ما هو موقفكم من الهجمات على شمال وشرق سوريا؟
ندين في حزب سوريا المستقبل بشدة الهجمات التي تشنها دولة الاحتلال التركي على مناطق شمال وشرق سوريا، والتي تستهدف المدنيين والبني التحتية في سعي مكشوف لزعزعة الاستقرار في مناطق الإدارة الذاتية التي شاركنا في تأسيسها. هذه الاعتداءات لا تستهدف مكونات الشعب السوري فحسب، بل تستهدف أي فرصة لاستقرار المنطقة وازدهارها، وتتعارض بشكل كامل مع مبادئ الديمقراطية والسلام التي ندعو إليها.

2. جاءت الهجمات بالتزامن مع تصريح السيد عبد الله أوجلان حول الحل الجذري للقضية الكردية، هل تعتبرون أن تركيا تلعب دورًا في إطالة الأزمات الداخلية والخارجية؟
نعم، نرى في حزب سوريا المستقبل أن تركيا تلعب دورًا رئيسيًا في إطالة الأزمات الداخلية والخارجية على حد سواء. إن السيد عبد الله أوجلان، الذي يعد مناضلًا ومفكرًا سياسيًا مهمًا على مستوى تركيا والمنطقة وزعيمًا يمثل إرادة المجتمع الكردي وتطلعاته في الحصول على حقوقه المشروعة، يملك مكانة رمزية تؤثر على تطلعات الأكراد ونضالهم من أجل الحرية. ومن هنا، فإن تصريح السيد أوجلان حول الحل السلمي يأتي بعد سنوات من العزلة التي فرضتها عليه السلطات التركية، والتي استمرت لأكثر من ثلاث سنوات ونصف. واليوم، مع وجود حديث عن مبادرة سلام، يهمنا أن نرى تركيا تتجه نحو طريق السلام وحل القضية الكردية بشكل جذري، خاصة وأن السيد أوجلان يمثل مرجعية كردية أساسية في تركيا وقضى حياته مدافعًا عن حقوق الشعب الكردي وكافة شعوب المنطقة المظلومة. لقد كانت أفكاره، ولا سيما فلسفة “الأمة الديمقراطية”، مصدر إلهام لتحرر الشعوب، وإن إقرار تركيا بحل سلمي مع السيد أوجلان من شأنه أن يسهم في وضع ديمقراطي جديد في تركيا سيكون له أثر إيجابي كبير على سوريا.

إننا نؤمن أن أي خطوة نحو السلام الحقيقي في تركيا ستؤدي إلى تغييرات سياسية جذرية في علاقتها بجيرانها، بما في ذلك سوريا. فتركيا تحت حكم النظام الفاشي الحالي تدعم الجماعات الإرهابية، وقد قامت باحتلال أراضٍ سورية مثل عفرين ورأس العين، وتعمل على تهجير المدنيين وتغيير التركيبة السكانية في هذه المناطق. تركيا اليوم تهاجم مناطق الإدارة الذاتية لأنها تخشى من تجربة الديمقراطية والحرية التي نمثلها.

بالتالي، فإننا في حزب سوريا المستقبل نؤمن بأن أي عملية تفاوض ناجحة مع السيد عبد الله أوجلان، وتتوّج باتفاق سلام شامل، ستؤدي إلى تغيير حقيقي في تركيا، بحيث تتحول من جار داعم للإرهاب (تركيا تدعم فصائل إرهابية وخاصة التي تحتل عفرين  والتي تسمى بمليشيات الجيش الوطني )إلى جار يحترم حقوق الجيرة وحق الشعوب في تقرير مصيرها. ونحن في حزب سوريا المستقبل، مع تأكيدنا على عدم التدخل في الشؤون الداخلية التركية، نرى أن القضية الكردية في شمال كردستان: جنوب تركيا لها قادتها وممثلوها الشرعيون، وأن السيد أوجلان هو المرجعية السياسية الأولى لهذه القضية. ولكن في الوقت ذاته، نرى أن السلوك التركي الفاشي الحالي في سوريا واحتلاله لأراضينا هو تهديد مباشر لنا، ولهذا نحن مؤمنون بأن السلام والحوار سيحققان مصلحة للجميع، وأن تركيا ستنسحب في النهاية من الأراضي السورية وتعود لمعالجة مشاكلها الداخلية.

3. في ظل تأجج الساحة الإقليمية، ماذا تريد تركيا من شمال وشرق سوريا؟ هل الأطماع مستمرة أم هناك أهداف أخرى؟
أطماع تركيا في شمال وشرق سوريا لم تتوقف، وتهدف إلى فرض سيطرتها على هذه المناطق لتحقيق مكاسب اقتصادية وعسكرية، وأيضًا لضرب نموذج الإدارة الذاتية الذي نجح في تحقيق السلم والاستقرار المجتمعي. تسعى تركيا لتحويل شمال سوريا إلى منطقة نفوذ تعزز من خلالها مصالحها السياسية والاقتصادية، وتمهد الطريق لتحقيق أجنداتها الإقليمية التوسعية, وذلك من خلال جماعات الإسلام السياسي وخاصة الإخوان المسلمين التي خانت سوريا لصالح أجندات دولة الإحتلال التركي.

4. برأيكم، هل تعتبر هذه الهجمات بوابة لتصعيد عسكري جديد في سوريا؟
نعم، سيتواصل التصعيد العسكري طالما أن سوريا أصبحت ساحة لصراعات إقليمية ودولية، إلى جانب السياسات الاستبدادية للنظام البعثي التي تضر بالشعب السوري وتدمر نسيجه الاجتماعي. تركيا تسهم في هذا التدمير عبر احتلالها ودعمها للفوضى، حيث انتقلت من معاداة القوى السياسية إلى معاداة المدنيين أنفسهم. كما لا يمكننا تجاهل أن الخطاب العدائي والعنصري الذي يغذيه النظام التركي الحالي ضد اللاجئين السوريين دليل على عجزه في مواجهة أزماته الداخلية، في ظل تسلط حزب العدالة والتنمية. من جهتنا، نواصل تكثيف نضالنا الديمقراطي السوري لمواجهة آلة الحرب التركية والاستبداد البعثي، بهدف الوصول إلى حالة استقلال حقيقية لسوريا، وخلق بيئة حرة وآمنة لكل مواطنيها.

5. ما الهدف التركي من استهداف المنشآت الحيوية دون غيرها؟
نعم، تستهدف  آلة الموت التركي حياة المدنيين عندما تدمر البني التحتية، فهدف النظام التركي  (نظام العدالة والتنمية) وجيشه الفاشي، هو تدمير بنية المجتمع السوري، بحيث تظل سوريا دولة فاشلة لا يمكنها النهوض. ومن هنا، تستهدف تركيا المنشآت الحيوية لضرب الاستقرار والخدمات الأساسية التي يعتمد عليها المدنيون، وذلك في إطار خطة لإبقاء هذه المناطق ضعيفة ومهتزة. كما أن تركيا تحارب نموذج الإدارة الذاتية، الذي نجح بفضل تضحيات شهدائنا من قوات سوريا الديمقراطية في الحفاظ على جزء من سوريا بعيدًا عن سلطة النظامين التركي والبعثي. إن الإدارة الذاتية التي أسسناها هي مدخل لسوريا حرة جديدة، وترى تركيا فيها تهديدًا لأنها تقدم نموذجًا ديمقراطيًا يمثل الأمل للشعب السوري.

6. هل هناك ترابط بين الهجمات ورفض حكومة دمشق لمصالحة تركية، وكيف تقيّمون موقف الحكومة السورية من الهجمات؟
بالتأكيد، نرى ترابطًا واضحًا بين تصاعد هجمات الاحتلال التركي واستبداد حكومة دمشق بقراراتها حول المصالحة ؛ فتركيا تستخدم هذا الضغط العسكري لتحقيق تنازلات سياسية من نظام دمشق. ومع ذلك، نرى أن نظام البعث الحاكم يتبنى سياسة فاشية وغير وطنية، حيث لا يكترث بأهمية الوطن أو بحياة المواطنين، بل يعتاش على الأزمات ويخاف من القوى الديمقراطية، ويعتبرها عدوًا له. لذا، لا نرى أي أفق حقيقي للمصالحة بين الطرفين لأن كلاهما مستفيد من استمرار الأزمة. نحن في حزب سوريا المستقبل نرى أن النظام السوري مطالب بالتخلي عن سياسات القمع وتغليب مصلحة الشعب السوري. كذلك، ندعوه إلى أن يتبنى سياسة وطنية تلتزم بمطالب المجتمعات السورية وتلتزم بالقرارات الدولية، خصوصًا القرار 2254 الذي يمثل بوابة للتغيير وحقن الدماء في سوريا.

7. في عمق التداعيات والنزاعات، أصبح تطبيق نموذج الإدارة الذاتية ضرورة لتحقيق وحدة سوريا. هل ترى أن الوقت أصبح مناسبًا لقبول الحكومة مبادرة الإدارة الذاتية والتكاتف لإخراج المحتل؟
بالتأكيد، إن نموذج الإدارة الذاتية هو السبيل الأمثل لتحقيق وحدة سوريا واستقرارها، وهو نموذج يحتضن تعايش الشعوب وينبذ سياسة اللون الواحد التي دمر النظام البعثي من خلالها المجتمع السوري. لقد حان الوقت للنظام السوري كي يدرك أن زمن اللون الواحد قد انتهى، وأن تبني نموذج الإدارة الذاتية في سوريا يمكن أن يساهم في بناء دولة لامركزية جديدة تحترم حقوق الشعب السوري وتحقق تطلعاته. يجب أن يتخلى النظام عن سياساته القمعية وينخرط في حوار وطني حقيقي مع ممثلي الشعب السوري، وبشكل خاص قوى الإدارة الذاتية، استنادًا إلى القرارات الدولية وخاصة القرار 2254 الذي يمثل السبيل لبناء سوريا جديدة وحرة، وبذلك يمكننا إخراج المحتل التركي وتحقيق وحدة حقيقية في سوريا.

8. برأيكم إلى أي مستوى تتجه المنطقة، وأنتم كحزب سوريا المستقبل، هل لديكم خارطة حل؟
المنطقة تتجه نحو مزيد من التعقيد، لكننا في حزب سوريا المستقبل نؤمن أن الحل يكمن في تعزيز الحوار السوري-السوري، وتبني نموذج لامركزي يضمن حقوق كل المكونات ويحقق العدالة الاجتماعية. أبوابنا مفتوحة للجميع، بشرط أن يكونوا سوريين أولًا، وأن تكون مصلحة سوريا فوق أي اعتبار. ومن هذا المنطلق، نحن مستعدون لتطوير ودعم الحوار بين كافة الأطراف السورية. كما نوجه نداءً للجماعات السورية التي ارتهنت لدولة الاحتلال التركي، والتي لم تتلطخ أيديها بالدماء ولم تحمل السلاح التركي، نقول لهم: “تركيا لن تبقى للأبد، عودوا إلى سوريتكم وكونوا سوريين.