ثلاثة عشر عاماً من عمر الأزمة السورية، أكدت بما ليس فيه مجال للشك على تداخل المصالح الإقليمية والدولية في سوريا، ما يجعل لكل تصعيد عسكري في المنطقة تأثيراً مباشر أو غير مباشر على الساحة السورية، بدءًا من التصعيد الذي بدأ في غزة وانتهاءً بالتصعيد الحاصل في لبنان بين إسرائيل وحزب الله.
لا يخفى على المراقب أنَّ حزب الله يلعب دورًا رئيسيًا في دعم السلطات السورية منذ بداية الأزمة السورية، وقد أسس قواعد عسكرية في مناطق مختلفة من سوريا، خاصة في جنوب وغرب البلاد، وأي تصعيد يحصل بين إسرائيل وحزب الله، قد يكون دافع لإسرائيل لاستهداف مواقعه في سوريا بشكل مباشر.
خلال السنوات الأخيرة، نفذت إسرائيل غارات جوية متعددة ضد أهداف لحزب الله وإيران في سوريا، مبررةً هذه الضربات بأنها تهدف إلى منع نقل الأسلحة المتطورة إلى حزب الله أو إقامة بنية تحتية عسكرية قريبة من الحدود.
زيادة التصعيد يمكن أن تؤدي إلى تكثيف هذه الهجمات، وخاصةً إذا قرر حزب الله أن يستخدم الأراضي السورية كجبهة ثانية لشن هجمات ضد إسرائيل بعد الخسائر الفادحة التي تكبدها على الجبهة اللبنانية.
استطاعت إسرائيل في الأيام الأخيرة توجيه ضربات نوعية وقاسية لحزب الله، بدءًا من اغتيال القائد العسكري فؤاد شكر إلى عملية تفجير أجهزة البيجر والتي توصف بأنها عملية غير مسبوقة وذات بُعد استخباراتي خطير، ثم استهداف اجتماعات القيادات العسكرية للحزب ، وانتهاءً بإعلان اغتيال قائد الحزب حسن نصر الله.
ولا يخفى على أحد أنَّ إيران تلعب دوراً محورياً في دعم كل من السلطات السورية وحزب الله، وتُعتبر الأراضي السورية ساحة إمداد لوجستي لحزب الله، والخسائر الكبيرة التي تكبدها الحزب قد تفتح المجال أمام إعادة هيكلة وتنظيم لصفوفه انطلاقاً من الأراضي السورية، وهذا من شأنه أن يضع السلطات السورية في دائرة المواجهة مع إسرائيل، ولا سيما بعد الكثير من التحذيرات الإسرائيلية للحكومة السورية بالابتعاد عن تقديم الدعم لحزب الله، لكن أي تصعيد انطلاقاً من الأراضي السورية يمكن أن يُعيد فتح النقاش حول دور إيران في سوريا. وقد يؤدي التصعيد إلى تعزيز التعاون بين الأطراف المدعومة من إيران، وقد يقود إسرائيل إلى توجيه ضربات مباشرة لقوات الحكومة السورية رغم أنها تحاول الحفاظ على ميزان الردع مع سوريا، وتسعى لتجنب مواجهة واسعة النطاق في سوريا.
إنَّ أي عملية تصعيد جديدة على الساحة السورية قد تؤثر على مواقف الدول الكبرى المتداخلة في الشأن السوري، مثل روسيا والولايات المتحدة. فقد تسعى روسيا إلى تهدئة الوضع لمنع خروج الأمور عن السيطرة وربما تُمارس ضغوط دولية كبيرة على الحكومة السورية لإبعاد عناصر الحزب عن الأراضي السورية، وهذا سيضعها في موقف صعب من أمام الداعم الإيراني.
وقد تدخل القواعد الأمريكية في سوريا ضمن بنك الأهداف لعناصر حزب الله إذا ما اعتبرت إيران وحزب الله أن أمريكا متورطة في دعم إسرائيل في حربها ضد حزب الله، و يعتبر هذا تصعيداً خطيراً ضمن مناطق لازالت تعاني من خطر عودة التنظيمات الإرهابية مثل تنظيم “داعش” وقد حذَّرت الولايات المتحدة الأمريكية من أي عمليات تستهدف مصالحها أو سفاراتها على خلفية التصعيد الأخير.
ولا ننسى أنَّ النزاع الحاصل قد أدّى إلى تفاقم أزمة اللاجئين، حيث أنَّ عشرات الآلاف قد نزحوا إلى الأراضي السورية من لبنانيين وسوريين هم بالأصل نازحين في لبنان.
النتيجة من شأن هذه الحرب أنْ تقود إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في سوريا على عدة مستويات، سواءً من خلال التأثير المباشر على الميدان العسكري أو عبر تداعياتها السياسية والاستراتيجية في ظل غياب الإرادة الدولية والداخلية الفاعلة لحل الأزمة السورية.
إياد خطيب الناطق باسم حزب سوريا المستقبل ورئيس مكتب الإعلام العام للحزب