بعد كل ما شهدته القضية السورية جراء إندلاع ثورة ١٥ آذار العام ٢٠١١، من تدخلات الأطراف الدولية والإقليمية، وانقسام الداخل السوري إلى مناطق جغرافية، بسبب التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود والقوى العسكرية الدولية والإقليمية، والتي أدت جميعها إلى تعميق الخلافات داخل الوطن السوري، والذي انقسم مابين نظام ومعارضة استخدما السلاح لغة للحوار بينهما، وجعلا الحل العسكري مخرجاً لإنهاء الأزمة السورية، ورفضهما للحوار السياسي الحقيقي المبني على القرار الوطني، والبعيد عن التبعية والإملاءات الخارجية.
وفي خضم كل هذه الوقائع الأليمة، وما تركته من كوارث ومآسي على شعبنا وبلدنا، كان لابد من مشروعاً وطنياً يجمع بدل أن يفرق، ويلغي كل الاصطفافات القائمة على خدمة أهداف ومشاريع خارجية، إقليمية كانت أو دولية.
وقد تحققت تلك المساعي من خلال مناطق شمال وشرق سوريا، والتي حملت نواة مشروع وطني ديمقراطي، شارك فيه أبناء سوريا من كافة المكونات والمناطق الجغرافية فقد حاربوا الإرهاب والتطرف وقدموا التضحيات العظيمة واستطاعوا الانتصار والتحرير ، وعملوا بكل طاقاتهم على بناء مجتمع ديمقراطي يحمل تطلعات كافة السوريين وأهدافهم المشروعة.
ولكن هذه المساعي الوطنية النبيلة، واجهت وما زالت التدخل السافر والمباشر من دولة الاحتلال التركي، والذي تعددت وتلونت أوجه تدخلها في الشان السوري، عسكرياً عبر تدخلها المباشر واحتلالها ودعمها للمرتزقة والمتطرفين، وسياسياً عبر الهيمنة على قرار هياكل المعارضة التي اصطنعتها لتعطيل أي حل وطني سوري، وإنسانياً عبر المتاجرة بقضية اللاجئين، وكذلك تسخيرها الحدود الجغرافية المشتركة، لدخول الإرهابيين الذين عاثوا خراباً ودماراً في سوريا.
وقد تعددت مخططات تركيا ووسائلها الخبيثة على مدى أعوام الأزمة السورية، لتحقيق مآربها وأطماعها، وكلما فشلت في إحداها، عمدت إلى مخطط جديد، وهذا ما كشفت عنه الأيام الأخيرة، والتي تناوب فيها قادة دولة الاحتلال التركي، على إطلاق التصريحات تجاه التقارب مع حكومة دمشق، من أجل رأب الصدع بينهما، والسعي نحو تحقيق مصالحة سياسية تجمعهما، وتحقق لهما أهدافهما المشتركة فحسب دون مصلحة الشعب السوري وهي انعطافة لم تكن مفاجئة تعوّد عليها السوريين من رئيس دولة الاحتلال التركي أردوغان خلال الأعوام الماضية، وهذه المواقف والسياسات كان لها الأثر السلبي فيما نال شعبنا وبلدنا من مآسي وإطالة عمر الأزمة السورية.
إن حزب سوريا المستقبل، يعيد التأكيد على أهمية الحوار الوطني بين كافة السوريين بلا استثناء، ويؤكد أن السوريين هم أصحاب الشأن والقرار الأول والأخير، وأن الحل الحقيقي في سوريا ينبع من إرادة وطنية خالصة، ترفض أي تدخل في الشأن الداخلي السوري، ومن هذا المنطلق يجدد حزينا دعوته إلى الحوار السوري السوري بين كافة الأطراف المحلية والقوى والأحزاب السياسية، وبحيث يكون إنهاء الأزمة وتداعياتها الخطيرة على بلدنا، والسعي الجاد لتحقيق الحل العادل في سوريا وإقامة السلام المستدام فيها وفق قرارات الشرعية الدولية وفي مقدمتها القرار “٢٢٥٤” هو الهدف الذي يجمع كل أبناء سوريا الوطنيين.
حزب سوريا المستقبل
٣٠ حزيران ٢٠٢٤