التقرير السياسي الصادر عن الهيئة التنفيذية لحزب سوريا المستقبل بتاريخ 7/12/2020

3٬157

وسط تجاهل أممي، وتناقض مصالح وتجاذبات الدول الكبرى، وتدخلات القوى الإقليمية، وغياب قرار وطني، واحتلال بعض المناطق من قبل الدولة التركية، واستمرار الانتهاكات وحالات والتغيير الديمغرافي، يستمر تيه السوريين وآلامهم مع نهاية الثورة عامها التاسع، دون أن تظهر على الساحة السورية نخبة سياسية قادرة على إحداث التغيير المطلوب، أو إيجاد مشروع وطني جامع يلبي طموح الشعب السوري بمختلف أطيافه، فجاء مشروع مجلس سوريا الديمقراطية كمشروع وطني سوري يلبي الحاجات التي عجزت عنها كافة القوى المتصارعة الأخرى خلال هذه السنوات التسع.

ومنذ تأسيس مجلس سوريا الديمقراطية عام 2015 ، لم يتوقف عن تنظيم اللقاءات والندوات والمؤتمرات الحوارية، على الصعيد الداخلي والخارجي مع باقي الأطراف السياسية السورية وبمشاركة شخصيات فاعل، بغية التوصل إلى آفاق لحل الأزمة السورية، وآخرها “المؤتمر الوطني لأبناء الجزيرة والفرات” والذي توج بمقررات تلبي طموح الشعب السوري، وان الخطاب التوافقي المطروح من قبل مسد يحمل في طياته إعادة النسيج الاجتماعي الممزق.

فالمراقب للحالة السورية بعد إنهاء تسع سنوات من الأزمة ضمن مناطق الحكومة السورية والتي تمر بكثير من هذه الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن ذهنية النظام الحاكم الإقصائية, والتي أوصلت سوريا إلى ماهي عليه من دمار وتشريد وتدخلات دولية وعقوبات اقتصادية وحالة فقر وغياب دور الحكومة السورية, واللجوء إلى المنصات والمؤتمرات الوهمية والدعائية الداعمة له بدون أي فعل حقيقي على الأرض والمرمية في غرف الانعاش السياسي، وآخرها مؤتمر عودة المهجرين السوريين الذي لم يلقى أي قبول، بالإضافة إلى مقاطعة كافة الأطراف الفاعلة والدول الداعمة والمستقبلة للسوريين من أوروبا إلى تركيا, كل ذلك يضع الحكومة السورية أمام مسؤولياتها بتغيير سلوكها وتصرفاتها على أرض الواقع وعدم التفكير بالعودة إلى ماقبل 2011 وهذا لن يتحقق بغياب الأطراف السورية الفاعلة والقوى الديمقراطية .

وعلى صعيد آخر نرى أن المعارضة المرتهنة لتركيا ولبعض الأطراف الإقليمية الأخرى واعتمادها على الفصائل والمرتزقة المأجورين للاحتلال التركي وتوسيع رقعتها في الأرض السورية بمساعدة الاحتلال وفقدانها للشرعية الوطنية والدولية وتبنيها للإرهابيين وأخيراً ما رأيناه في لقاء نصر الحريري مع الارهابي أبو شقرا ،ورغم كل هذه المحاولات التي تبذلها الأطراف السياسية في شرق الفرات مع كافة الأطراف السورية والقوى الديمقراطية لحل الازمة ,وتجفيف منابع الارهاب وتخفيف الصراع العسكري. نلاحظ أن هناك تهميش وعدم قبول أي مشروع آخر ، وهذا ما رأيناه من خلال الاجتماعات المنعقدة بخصوص سوريا وآخرها في جنيف المنعقد بتاريخ 30 – 10 – 2020 بخصوص أعمال اللجنة الدستورية، والذي تم فيه إغفال واستبعاد جسم سياسي الأكثر أهمية في حل الأزمة السورية.

وبالعودة إلى الوضع الإقليمي والدولي، وخصوصاً الدول الراعية والمؤثرة في هذا الملف نرى أن تركيا تتخبط في سياستها الارتجالية في الداخل التركي والخارج، ففي الداخل تعاني من أزمة اقتصادية وانشقاقات داخلية في حزب العدالة والتنمية, وتشكيل أحزاب معارضة واستقالات في الحكومة التركية كل ذلك يجعل حزب العدالة والتنمية أمام مأزق مما يجعله يصدر أزمته إلى الخارج, وهذا ما يحصل من خلال تدخله المباشر في ليبيا وأذربيجان والعراق وسوريا, وتجنيد المرتزقة السوريين في مشاريعه التوسعية واستمرار اعتداءاته على المدن الآمنة في شمال وشرق سوريا وخاصة مدينة عين عيسى خلال هذه الفترة, والعبث بأمن المنطقة وضرب حالة الاستقرار التي ينعم بها أبناء هذه المناطق .

ومع اقتراب نهاية عام ٢٠٢٠ وما رافقه من أحداث وكوارث أثرت على العالم أجمع، كان الحدث الأبرز انتشار وباء كورونا الذي اشغل كافة دول العالم بلا استثناء وأحدث شللاً اقتصادياً واجتماعياً، دافعاً الدول المتقدمة إلى التنافس لإيجاد لقاح مضاد، وحلول مشتركة، ولم يقتصر أثره على القطاع الصحي وارتفاع أعداد المصابين بل تعداه إلى أروقة السياسة، ومتصدر للبرامج الانتخابية, ومازالت الانتخابات الأمريكية ماثلة أمامنا بنتائجها، وهذا الحدث الكبير الذي ترقَّبه العالم أجمع والذي توج فيه المرشح الديمقراطي جو بايدن رئيساً فائزاً لعهد جديد في السياسة الأمريكية, ومصححاً للمسارات الخاطئة التي ارتكبها سلفه سعياً منه لإعادة الدور القيادي لأمريكا في العالم وخاصة في الشرق الأوسط، وإن الاستحقاق الأهم على طاولة الإدارة المقبلة هو إيجاد مخرج لحل الأزمة السورية لكونها دولة منخرطة ضمن قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش ,ومن المأمول من إدارة الرئيس بايدن أن يساعد في إشراك وانخراط الإدارة الذاتية في العملية السياسية لحل الأزمة.

وبخصوص السياسة الروسية وتحيزها للحكومة السورية والدفاع عنها في المحافل الدولية وضبابية موقفها من الاحتلال التركي من خلال قصفه لمنطقة مما افقد المصداقية لروسيا كدولة ضامنة للاتفاقيات الأمنية المبرمة مابين تركيا وروسيا لوضع حد للاعتداءات التركية على سوريا وقبول قوات سوريا الديمقراطية لهذه الاتفاقيات تجنباً للصراع والتهجير.

فإننا في حزب سوريا المستقبل نطالب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ،  لدعم تجربة شمال وشرق سوريا، التي يراها السوريون نموذج لبناء دولة حديثة ديمقراطية يحتذى بها في المنطقة، وبأنه لا حل في سوريا إلَّا بمشاركة كافة الأطراف والقوى الداخلية والخارجية في تقرير مصيره بهويته الوطنية والاعتراف بكافة مكونات الشعب السوري وبصياغة دستور جديد لسوريا وانتخابات نزيهة وتداول سلمي للسلطة.

إن حزبنا يؤكد مجدداً انحيازه التام إلى الثورة السلمية ومطالبها العادلة، داعماً لها ومشاركاً فيها, ومدافعاً عنها بوجه كل من يحاول الإساءة إليها، كما يدين القمع المسلط ضدها والاعتداء عليها من أية جهة، ونشدد على المطالبة بكشف ملفات مصير المعتقلين والمغيبين قسرياً, وتهيئة الأجواء لعودة اللاجئين وضرورة تطبيق القرار الأممي  ٢٢٥٤, والقرارات الدولية ذات الصلة.