سهام داوود.. خلاص سوريا في خلاصة المستقبل!

5٬681

تدير اليوم مُدرّسة العلوم الفيزيائية والكيميائية سهام داوود، الأمانة العامة لحزب سوريا المستقبل. وتقدم خبرتها العلمية والعملية والسياسية في خدمة مشروع شمال وشرق سوريا، وإذا كانت مهمة التدريس التي أوكلت لها في فترة سابقة، هي تقديم خلاصة جهد العلماء عبر تاريخ العلم، لأبناء المنطقة، فإن المهمة التي تقوم بها اليوم، هي تقديم خلاصة رسالات الشهادة، في مستقبل المنطقة.

في المؤتمر الثاني لحزب سوريا المستقبل، انتخبت سهام داوود كأمين عام للحزب، وفي سعي الحزب لتمثيل آمال شعوب المنطقة، يلوح طيف الشهيدة هفرين الأمين العام السابق للحزب في تفاصيل المنطقة، وخيالات أبنائها. وبين خيالات الطيف وواقع المسؤوليات، تقدم داوود تصوراتها، وتضيف إجاباتها حول الحزب والمنطقة والمستقبل.

– منذ تأسيسه وحتى  انعقاد مؤتمره الثاني، كيف تطور حزب سوريا المستقبل؟

-ولادة حزب سوريا المستقبل في شمال وشرق سوريا كان ضرورة ملحة نتيجة الفراغ السياسي في المنطقة، ولاسيما في المناطق المحررة. الى جانب الفراغ السياسي كان هناك ضرورة لهوية جامعة لكل السوريين، نظراً لتدخل القوى مع أجنداتها وفرض حالة التقسيم المناطقي والمذهبي والطائفي والديني والأثني.

لذلك ارتأت مجموعة من (الشباب) الحاجة إلى تشكيل جسم سياسي أو حزبي يمثل تطلعات وأهداف الشعب السوري في المنطقة. 

بعد سلسلة من اللقاءات الجماهيرية  والتشاورية، توصل الرفاق الى عقد المؤتمر التأسيسي الأول للحزب في تاريخ 28/3/2018 وبعد تأسيسه سعى الحزب إلى استقطاب الجماهير و بناء قاعدة جماهيرية بين مختلف مكونات الشعب السوري. و العمل على نشر أفكار ومبادئ الحزب داخليا على الصعيد المحلي وخارجيا على الصعيد الدولي و الإقليمي. 

بدأت مرحلة تمأسس الحزب بدء من القاعدة و حتى المركز، بجميع مكاتبه التنظيمية والشباب والمرأة والتأهيل والعلاقات، وإيصالها الى حالة مؤسساتية تعمل وفق اللوائح الحزبية، وصولا الى تشكيل منظمة اوروبا.

بعد عامين ونصف من العمل الدؤوب، تجاوز عدد أعضاء الحزب احدى عشر الف عضوا منتسباً.

تنشطت الحالة التنظيمية في الحزب  أفقياً،  بان انتشر بين الجماهير الراغبة في التغيير والحرية والديمقراطية، لتشكيل حاضنة جماهيرية من جميع الشرائح  السياسية والثقافية والاجتماعية،  وعمودياً ابتداء من تشكيل مجالس النواحي،  الى تشكيل مجالس المناطق، وصولاً الى انعقاد المؤتمر الثاني للحزب، مستهدفا بالدرجة الأولى الشباب والمرأة  لما لهما من دور في بناء المجتمع وتطوره.

– ينشط حزب سوريا المستقبل في مناطق شمال وشرق سوريا، في بيئة تم اهمالها اقتصاديا واجتماعيا وسياسياً من قبل السلطة السورية تاريخياً، ما هي الصعاب التي يواجهها الحزب في نشاطه فيها؟

-مناطق شمال و شرق سوريا بالمجمل تم اهمالها من قبل النظام الحاكم  اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، مع العلم أن هذه المناطق تشكل السلة الغذائية والاقتصادية في سوريا. و طالما تم النظر إليها على أنها مناطق نائية لبعدها عن المركز. ولم تحصل على حقها من الرعاية والاهتمام هذا من جهة، ومن جهة أخرى دخول التيارات الاسلاموية  الراديكالية الى المنطقة  بدأ من الجيش الحر إلى أحرار الشام و تنظيم جبهة النصرة وصولا إلى تنظيم داعش.  كل هذه الأمور كانت سبباً في فقدان الثقة والخوف من المجهول.

 أولى الخطوات التي استطعنا كحزب تنفيذها، هو تعمير الثقة عند الشعب، ورويداً رويداً كسب الحزب ثقة الجماهير لتمثيل تطلعاتهم  في بناء وطن حر و سوريا ديمقراطية.

ولا ننسى جانب الذهنية المتشكلة في المنطقة من قبل البعث، والتي زرعت في العقول أحكام مسبقة بين المكونات وكيفية العيش ، وعدم الثقة بالذات وربط المصير بالنظام. 

ثانياً، التقسيم العشائري في المنطقة والتي لعب النظام عليه كثيراً، وانعكاساته على العمل التنظيمي الجماهيري.

شكّل هذا اختباراً حقيقياً للعمل التنظيمي. ولذلك منذ اليوم الاول عملنا على تجاوز هذا التقسيم مع مراعاة الخصوصية العشائرية، التي تعود الى أصالتها، والتي تساهم في بناء هوية المنطقة. 

ثالثاً، بصدد الوضع الاقتصادي نتيجة ظروف الحرب وسياسات التهميش والاقصاء القديمة من قبل النظام والدمار الذي ألحقته الحرب بالبنية الاقتصادية، أثّر بشكل سلبي على حياة المواطن، فكان من اولويات حزبنا العمل مع الادارات الذاتية والمدنية من أجل حل هذه المعضلة عبر تقديم الخدمات، والتحول من الحالة الاسعافية الى الحالة المستدامة، ودعم المواطنين في مجال الزراعة بجميع الامكانيات، والحاجات الضرورية لهم.

حقّقنا مع الإدارات تطوراً مقبولاً في المجال الخدمي والاقتصادي، اذا ما قارنا وضع مناطقنا مع مجمل المناطق السورية الاخرى سواء الواقعة تحت سيطرة النظام او تحت الاحتلال التركي. 

– تنشط المرأة بشكل واضح وجدي في صفوف الحزب، قواعد وقيادات، كيف استطاع الحزب كسر الطوق المفروض على المرأة اجتماعياً، وكيف تمكن من إعطائها دوراً حقيقياً؟

-المرأة هي الركيزة الأساسية في المجتمع، لأنها حجر الأساس في بناء العائلة التي تشكل الوحدة الأساسية في المجتمع، لذلك مدى تطور وتقدم المجتمعات يقاس بمدى مشاركة المرأة في كافة مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

بقيت المرأة بعيدة عن الحياة السياسية في سوريا، و إن ظهرت نساء سوريات في الساحة السياسية، ولكن عددهن كان قليلاً بالمقارنة مع نسبتهن في المجتمع، ومع عدد الرجال.

ينشط حزبنا في مناطق يكبل المرأة بقيود العادات والتقاليد، والنظر إليها بذهنية الملكية الخاصة او التابعة للرجل، لكن بالوقوف الى جانب المرأة ودعمها وتمكينها وبناء قدراتها سياسياً وتنظيماً استطاع الحزب أن يكسر هذا الطوق المفروض عليها، وأن يكشف النقاب عن الطاقات الكامنة لديها  لتقوم  بدورها القيادي والريادي في هذه المرحلة، ويكشف الوعي والارادة والتصميم  في متابعة الطريق نحو الخلاص والحرية لها وللوطن. 

– تمكنت الشهيدة هفرين خلف، الأمين العام السابق، من حيازة قلوب الناس في المنطقة والعالم، بنشاطها وباستشهادها. أي مهمة صعبة ستقوم بها سهام داوود الأمين العام الآن، سيما أن الشارع المحلي والدولي سيضع نصب عينيه وبشكل دائم، المقارنة بين الأمينتين؟

-ستبقى الشهيدة هفرين خلف الأمين العام الروحي لحزبنا، طالما بقي هذا الحزب، و إننا نستمد من شهادتها وتضحياتها القوة والعزيمة والإصرار والاستمرار بالعمل، ومتابعة ما بدأته هي  به في وقف نزيف الدم السوري، والسعي من أجل إحلال السلام العادل على أسس ومبادئ اخوة الشعوب والعيش المشترك  في سوريا ديمقراطية تعددية لا مركزية. 

سنسعى جاهدين لإيقاف الحرب وإحلال السلام الدائم في سوريا، سنتواصل مع كافة القوى السياسية الديمقراطية من أجل المشاركة في العملية السياسية الجارية في سوريا بإشراف الأمم المتحدة ضمن القرار الأممي 2254، و إنهاء كافة الاحتلالات في سوريا، وبالأخص الاحتلال التركي  من خلال الأمم المتحدة والأطراف ذات الصلة.

وهنا نجدد عهدنا للرفيقة هفرين ولكل شهداء حزبنا، وشهداء مناطقنا، بالمضي قدماً نحو تحقيق النصر المنشود، و نقول على العهد باقون، حتى النصر مستمرون. 

– ورد في البيان الختامي لأعمال المؤتمر، أن المؤتمر الثاني سيكون عنواناً للتغيير والتحول الديمقراطي، ماذا يعني ذلك؟

-أكثر من تسع سنوات من عمر الأزمة السورية، ولا حل واضح في الأفق حتى الآن.

انحرف الحراك الثوري عن مساره، وتغير جذرياً مسار الثورة السورية، و تحولت إلى حرب مدمرة طالت الحجر و البشر.

تشرذم المعارضة السورية وانقسامها وارتهانها لأجندات دولية وإقليمية، والاحتلال التركي للأراضي السورية، وظهور داعش، كل ذلك أدى إلى تعقيد الحل وانسداد أفقه بشكل واضح.

هذا لواقع يضعنا كحزب أمام مهام ومسؤوليات تاريخية تجاه أبناء شعبنا، لذلك علينا رفع وتيرة  العمل التنظيمي والحزبي والسياسي والاجتماعي معاً وبشكل متواز.  بالإضافة الى  رفع سوية العمل الديبلوماسي  داخلياً وخارجياً واستقطاب كافة القوى المشاركة في الحل السوري، ووضع خطط وبرامج ومشاريع تفتح الطريق أمام عملية التحول والتغيير الديمقراطي في بناء سوريا ديمقراطية تعددية  ذات نظام برلماني لا مركزي.

حوار طالب ابراهيم