عندما يتبادر لذهن أيْ متابع بالشأن السوري فيما يتعلق بأفق الحل السياسي المتشعب والعميق للصراع في سوريا, نجد حاضراً وماثلاً القرار الأممي 2254 الصادر عن مجلس الأمن وما تضمنّه من سلال تمهد للعملية الانتقالية المنشودة للحل السياسي في سوريا. والسؤال المطروح دائماً؛ لماذا الجميع يتجَّه صوب القرار الأممي 2254 كمخرج وحيد للحل في سوريا؟!
وبالمقابل هناك تجاهل كبير لبقية القرارات الدولية ذات الصلة كالقرار 1118 ومقررات مؤتمر جنيف1 كمبادئ ارتكاز للخروج من الأزمة.
ورغم إلحاح الأطراف الخارجية والداخلية بلزوم تطبيق هذا القرار, إلا أنَّ البعض يتخفى وراء أجندته الخاصة ويتذرع إعلامياً بإمكانية تطبيقه رغم مرور ما يقارب خمس سنوات على إصداره، فالقرار ظاهر إعلامياً وغائب عملياً، فإذا تفهمّنا أنَّ الولايات المتحدة وروسيا هما المبادران لاعتماد القرار. ولكن؛ هناك اختلاف في اعتماد آليات تطبيقه وخصوصاً ترتيب السلال الأربعة لرسم ملامح العملية الانتقالية.
فروسيا تبحث عن إمكانيّة استمرارية النظام وأركانه تحت عباءة القرار الدولي, وتحويل مهمّة القضاء على الإرهاب إلى ذريعة لتأخير تنفيذ بنود القرار وربما تعطيله وإفراغه من مضمونه. ولكن؛ يبدو الموقف الأمريكي تجاه تطبيق القرار ما بين إدارة الرئيس السابق والرئيس ترامب, متراوحاً بين التماهي والامتعاض مع الموقف الروسي الثابت والصلب. أما الدور الأوروبي وموقف الأمم المتحدة من القرار؛ فيتراوح بين التصريحات الإعلامية والتمنيات تارة أخرى، وبينما الموقف العربي غائب تماماً إلا من الشجب والاستنكار المعتادة.
أما الموقفان التركي والإيراني؛ فهما موجودان في سوريا لتحقيق أطماع الماضي عبر احتلالات وانتهاكات بما فيها عمليات التغيير الديمغرافي التي يقوم بها المحتل التركي بشكل سافر وهمجي وتحدّي صارخ للمبادئ الإنسانية.
وأمام معضلة تباطؤ تنفيذ هذا القرار الأممي؛ فلا بد من توضيح دور الأطراف الموجودة اليوم في الجغرافية السورية:
فالمعارضة مرتهنة للموقف التركي بما يُملى عليها من أوامر تنسجم مع المخططات التركيّة, عدا الانقسام الواضح في رؤية المعارضة الذي يؤثر بشكل واضح على الموقف العام من القرار الدولي. أمّا موقف النظام السوري فهو أبعد ما يكون عن تطبيق القرار الأممي ويرى أنَّ كافة المبادرات الدوليةَّ هو تدخل سافر في الشأن الداخلي وهو حصيلة مؤامرات كونية.
وهنا يبقى لدينا رؤية ومشروع الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا والتي ترى أن الحل السياسي هو الحل المنشود والوحيد لسوريا، وأن حصيلة التوافق الدولي الذي عبر عنه القرار الأممي ٢٢٥٤ هو إطار سياسي فاعل وحقيقي لحل الأزمة السورية.
منقول عن صحيفة روناهي