عالم ما بعد كورونا!

2٬134


إن فيروس كوفيد 19 خطير، لكننا نقترب من الرعب الأعظم بوصولنا إلى حافة الكارثة، كما قال عالم الألسنيات الأمريكي نعوم تشومسكي، في حديثه مع Diem25 TV.
يعتقد تشومسكي، أن الرئيس الأمريكي ترامب وأتباعه في صدارة هذا السباق نحو الكارثة، والمتمثل بتهديدين وجوديين: التهديد المتزايد بحرب نووية، والتهديد المتزايد للاحتباس الحراري.
والإجراءات الاستثنائية التي تطبقها الحكومات، بسبب فايروس كوفيد 19 من إغلاق للحدود الداخلية والخارجية، وحظر التجول، واستخدام الجيش في تطبيق إجراءات العزل، كما حدث في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا ودول أخرى، قد تتسبب بتدهور الديمقراطية والنزوع إلى الاستبداد، يضاف إليها انهيار الأسواق والنظام الاقتصادي العالمي.
وللخروج من هذه المتاهة، نحتاج إلى عقلية الحركة الاجتماعية من أجل التغلب على أزمة شديدة، بعد الفشل الذريع للنيوليبرالية، واقتصاد السوق.
ويعتقد المفكر الأمريكي، أن الآلية التي تم التعامل فيها مع إنفلونزا الخنازير عام 2009، وتعافى مئات الآلاف من الناس من أشد الحالات سوءاً، تدل على أن عقلية الحركة الاجتماعية هي مفتاح الحل.
وفي تقرير لصحيفة فورين بوليسي الأمريكية رصدت فيه أفكار أهم منظري أمريكا والسياسة الدولية، حول شكل عالمنا القادم بعد فايروس كوفيد 19.
تعزيز القومية
يعتبر استاذ السياسة الدولية في جامعة جون كينيدي الأمريكية، ستيفان والت، أن هذا الوباء سيقوي الدولة ويعزز القومية. وستبني الحكومات مجموعة من الإجراءات الطارئة لإدارة الأزمة، وستستمر غالبية هذه الإجراءات حتى بعد انتهاء الوباء. وستساهم أزمة كورونا في انتقال السلطة والنفوذ من الغرب إلى االشرق، ويتضح ذلك منذ البداية، كيف كانت إجراءات كوريا الجنوبية وسنغافورة إيجابية، وكيف كان رد فعل الصين إيجابياً أيضاً بعد أخطائها المبكرة، على عكس الاستجابة الأوروبية والأمريكية والتي أتت بطيئة وعشوائية.
ولن ينهي كوفيد 19 تنافس القوى العظمى في العالم، تماماً كما لم تنه الأوبئةالسابقةالتي ضربت البشرية هذا التنافس. وقد نشهد تراجعاً ما في العولمة المفرطة، وقد يخلق الفايروس عالماً أقل انفتاحاً وأقل ازدهاراً وأقل حريةً.
نهاية العولمة
يرى المدير التنفيذي للمعهد الملكي للشؤون الدولية روبن نيبليت، أن الصين في طور استعادة قوتها وتأثيرها الدولي والإقليمي، وسط مؤشرات تدل على تراجع العولمة الاقتصادية التي طبعت عالم نهايات القرن العشرين، بسبب الضربة القوية التي شكلها فايروس كوفيد19، وأن الدول تتجه لتكون أكثر استقلالية، لأن التبادل الاقتصادي وفق معايير العولمة كان أقل منفعة.
ومن أجل عدم العودة إلى المنافسة الجيوسياسية العلنية بين الدول، سيتطلب من القادة السياسيين انضباطاً كبيراً، للحفاظ على التعاون الدولي في حدود ما‪.‬

المركزية الصينية
يعتقد عميد كلية “لي كوان يو” للسياسة الدولية في سينغافورة كيشور محبوباني، أن أزمة كوفيد 19 لن تغيّر الاتجاهات الاقتصادية العالمية بشكل أساسي وواضح، ولكنها ستؤدي إلى تسريع انتقال العولمة المتمركزة حول الولايات المتحدة الأمريكية، إلى العولمة على طريقة المركزية الصينية.
شهدت الصين في العقود القليلة الماضية، فترة من الانتعاش الاقتصادي الكبير، بنتيجة مشاركتها في الاسواق العالمية، كما شهد الشعب الصيني ازدياد ثقته بنفسه، فهم يعتقدون أنهم قادرون على المنافسة في أي مكان‪.‬
ولذلك، أمام الولايات المتحدة خياران:
-إذا كان هدفها الأساسي هو الحفاظ على التفوق العالمي، فسيتعين عليها الانخراط في منافسة جيوسياسية مع الصين.
-وإذا كان هدفها تحسين رفاهية الشعب الأمريكي – الذي تدهورت حالته الاجتماعية – فعليها أن تتعاون مع الصين.
ويقترح كيشور، أن يكون التعاون مع الصين هو الخيار الأمريكي، لكن نظرًا للبيئة السياسية الأمريكية السامة تجاه الصين، قد لا يجد مقترحه أذنا أمريكية صاغية.‬
وقود المعسكرات
يرى المؤرخ الأمريكي جون بيري، أن أزمة كوفيد 19 ستعطي الوقود للمعسكرات المختلفة، لتحديد الاستراتيجية الكبرى، على المدى القصير.
وسيجد القوميون والمناهضون للعولمة، أدلة على صوابية وجهات نظرهم. وبالنظر إلى الضرر الاقتصادي، والانهيار الاجتماعي الذي يتكشف كل حين، فمن الصعب رؤية أي شيء آخر غير تعزيز الحركة نحو القومية، وتنافس القوى العظمى، والفصل الاستراتيجي‪، كما كان الحال في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي.‬
وقد ينشأ تيار بطيء، هو شكل من الأممية القاسية المشابهة لتلك التي عبّر الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت عنها قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية. فقد أظهر انهيار الاقتصاد العالمي في ثلاثينيات القرن الماضي، مدى ارتباط المجتمعات الحديثة ومدى ضعفها تجاه ما أطلق عليه “التأثير المُعدي”.
لا تستطيع الولايات المتحدة ببساطة الاختباء داخل حدودها، ولكن العمل في نظام مفتوح يتطلب بناء بنية تحتية عالمية للتعاون متعدد الأطراف‪.‬
لذا قد تسافر الولايات المتحدة والديمقراطيات الغربية الأخرى في ردود فعل مدفوعة بإحساس الضعف.
قد تكون الاستجابة أكثر وطنية في البداية، ولكن على المدى الطويل، ستخرج الديمقراطيات من عزلتها للعثور على نوع جديد من الأممية البراغماتية والحمائية.‬‬‬