طالب إبراهيم يكتب: باباجان اوغلو.. خليفة يتحضر!

1٬322

أعلن علي باباجان عن تأسيس حزبه “الديمقراطية والتقدم” في تركيا متأخراً شهرين عن موعد إعلانه.
استلم باباجان وزارة الخارجية التركية، ووزارة الاقتصاد، وكان المفاوض التركي الرئيسي لانضمام تركيا للاتحاد الاوروبي. قبل أن يعلن انسحابه من حزب العدالة والتنمية.
سبقه أحمد داوود اوغلو رئيس الوزراء التركي السابق، إلى تأسيس حزبه “المستقبل”، بعد انسحابه من حزب اردوغان، رفيق دربه في السياسة والمؤامرات.
وحظي حزب المستقبل التركي بحفلة كبيرة عند إعلان التأسيس، على عكس حفلة “الديمقراطية والتقدم” البسيطة، لكن مجلس إدارة حزب بابا جان، أغنى وأوسع.
يضم مجلس إدارة حزب الديمقراطية والتقدم، أربعة وزراء سابقين، و13 عضو سابق في حزب العدالة والتنمية، وخمسة بيروقراطيين عملوا في فريق عمل اردوغان فترة طويلة، وعمدة محافظة بالكسير أحمد أديب اوغور المعروف بأمين خزانة اردوغان الخاصة.
وضمت اللجنة التأسيسية للحزب أيضاً ضابطين متقاعدين أحدهما برتبة جنرال، لهما باع طويل بالساحة السورية.
وأعلن باباجان ميثاق الحزب، والذي يتضمن العودة إلى النظام البرلماني، ومنح المواطنين الأكراد حقوقهم الديمقراطية.
أتت الانشقاقات في حزب اردوغان من أعلى المناصب، ومن كبار مساعديه ورفاق طريقه، في الفترة التي أظهر فيها انقلابه عليهم، وعلى ميثاق حزبه، وطريقه. وفي الفترة التي شهدت فيها تركيا بروز قمعه، ونزوعه الشخصي للسلطة، وتفضيله عائلته وفسادهم على تركيا ومستقبلها.
يعاني اردوغان اليوم من أزمة داخلية، يختصرها انهيار سعر الليرة، ويعاني من أزمة خارجية، يختصرها انهيار سياسته في سوريا، كما في الإقليم.
لم ينجح في ابتزاز روسيا كما اعتقد في الماضي، حين غيّر اتجاه تحالفاته الأطلسية، واختار المعسكر الروسي. كما لم ينجح في ابتزاز اوروبا، على الرغم من تحقيقه حفنة من الدولارات، لكنها أقل بكثير مما يسمح له بوقف نزيف اقتصاده. ولم تثمر علاقاته العائلية والشخصية والمالية، مع الرئيس الأمريكي ترامب، في ليّ يد الأمريكان، على الرغم من حماس جيمس جيفري المنسق الأمريكي في الملف السوري، لشق طريق اردوغان في الإقليم.
انهيار اردوغان الثلاثي، في الداخل وفي تحالفه القديم مع الأطلسي، وتحالفه الجديد مع الروس، يسمح لغيره من زعامات الواجهة في تركيا، من أدوات الدولة العميقة التركية بالظهور.
حزب اوغلو المستقبل، وحزب باباجان الديمقراطية، أدوات جديدة، واوغلو ووزائه المنشقين معه، وباباجان وحاشية اردوغان، وخزينة أسراره، هم الاستثمار الجديد لبعض أدوات الدولة العميقة في المرحلة القادمة.
لا يعني ذلك أن الأدوات الأخرى خارج ساحة التنافس. لكن يعني أن درجة التنافس ستكون كبيرة، ويجب أن يخرج كل طرف فيهم أدواته.
استثمر اردوغان في الاخوان المسلمين وجهادييهم، واستثمر في الإسلام، وفي مشاعر المسلمين، واستثمر في التناقض الدولي في الإقليم، وتناقض المصالح، ولعب في تركيا وعليها، كما لعب في سوريا وعليها. والآن يقف متهالكاً.
شرحت وقفته على باب الكريملين منتظراً أن يفتح بوتين له الباب، شرحت أزمته مع الروس. وشرحت عودته من مؤتمر بروكسيل الأخير خائباً، جراء إعادة تفعيل اتفاقية اللاجئين التي حاول تفجيرها عبر إطلاقه اللاجئين إلى الحدود الاوروبية، وتلقى طعنة اوروبية دافئة بوقف التفجير، مقابل حفنة من الدولارات لا أكثر. وشرح رفض أمريكا تزويده بالباتريوت قبل أن يحل´أزمة اتفاقياته مع ال S400 الروسية، شرح عمق أزمته معها.
اردوغان اليوم على مفترق طرق، لعل أوسعها هو خروجه من اللوحة السياسية، محملاً بملف فساد كبير، أو بملف صحي كبير، عبّرت عنه قواه التي انهارت بعد دقيقتين من الانتظار في موسكو، وحاجته للجلوس.