هفرين خلف.. الحزن الأحمر وبقية الألوان!

2٬391

“دمّرت الحرب في سوريا، أماكن طفولة الملايين من السوريين. في مخيم عين عيسى للنازحين السوريين، اقترحنا أن نهدي نازحي كل خيمة، شجرة صغيرة، يزرعونها أمام خيمتهم. يعتنوا بها. لتكون ذكرى منهم، بعد مغادرتهم المخيم باتجاه مدنهم ومنازلهم.

ستكون ذكرى خضراء جميلة، في أرض ضمّت أحزانهم وتشردهم”. قالت هفرين خلف الأمينة العامة لحزب سوريا المستقبل، في الطريق إلى منبج مغادرين بلدة “عين عيسى”.

“لم تثمر الفكرة.. ربما كانت أحزانهم الحمراء، أقوى بكثير من بقية الألوان”.

هفرين خلف. تخرجت من جامعة حلب كلية الهندسة المدنية عام 2009. قبل أن يتم انتخابها لمنصب الأمينة العامة لحزب سوريا المستقبل في آذار 2018. استقبلتنا في مكتبها في مدينة الرقة في زيارة سابقة، قبل أن تستقبل أسئلتنا بسرور.

 

-لماذ حزب سوريا المستقبل؟

حزب سوريا المستقبل، خطوة سياسية ديمقراطية، تجاوزت الحالة المناطقية والأثنية والطائفية بعد سنين دامية من الحرب والدمار في سوريا، والتي تلت سنين طويلة من التهميش والإقصاء والاستبداد، أدت إلى قتل المجتمع وتدمير البلد.

انطلاقاً من هذه الحقيقة الواقعية، كانت المبادرة “تأسيس حزب سوريا المستقبل” من مجموعة من السوريين والسوريات، بطرح فكرة تأسيس حزب جامع لكل السوريين.

تم العمل عليها والتحضير للمؤتمر التأسيسي في ٢٧/٠٣/٢٠١٨ في مدينة الرقة، لتكون هذه المدينة التي عادت إلى الحياة، مثلاً لكل المدن السورية، مثلاً نحو مستقبل يلبي تطلعات المجتمع السوري المشروعة لحياة كريمة.

 

-هل يجد حزب سوريا المستقبل نفسه في مستقبل سوريا، أم هو حالة مؤقتة ترتبط بمنطقة شمال وشرق سوريا؟

حزب سوريا المستقبل ليس حزباً مرحلياً، وليس حزباً مناطقياً لشمال وشرق سوريا.

بل حزب لديه مسؤولية سياسية وأخلاقية تجاه الشعب السوري، مهمة انقاذية من دوامة الفوضى والدمار، ووضع مجموعة من القواعد والبنى السياسية للنهوض من جديد وإعادة البناء.  لكن لديه مهام مستقبلية، يحددها برنامجه ورؤيته في المشاركة لوضع حلول للأزمة السورية، وعودة المهجرين، وتقديم الخدمات، وصولاً لصياغة دستور جديد للبلاد عبر المفاوضات برعاية الأمم المتحدة. هذه الرؤية تحملنا المسؤولية السياسية والأخلاقية لنكون ركناً أساسياً في المستقبل السوري.

 

كيف تفسرين هذا التقسيم في قيادة الحزب، رئيس الحزب الأستاذ ابراهيم القفطان “سيد” والأمينة العامة “سيدة”؟

انطلاقا” من رؤية الحزب إلى المجتمع لأخذ دوره الكامل في القيادة المرحلية والمستقبلية، وبما أن المجتمع مؤلف من المرأة والرجل، فليأخذ كلاهما مكانيهما الصحيحين كقوتين أساسيتين في إدارة المجتمع والدولة.

حزب سوريا المستقبل يراعى تمثيل الجنسين في كل عمل قيادي، ولم نشبه في هذه المسألة غيرنا من ناحية مبدأ المساواة، أو أن ندعوا إلى الرئاسة المشتركة، التي اعتبرت  خطوة تاريخية، نحو هدف المساواة إنما كان التوجه العام  لهذه الهيكلية هو:

رئاسة الحزب ولها مهامها، والأمانة العامة ولها مهامها. وليس بالضرورة أن يكون الرئيس سيد، والأمانة العامة سيدة.

في المؤتمر العام القادم يمكن أن تترشّح سيدات للرئاسة، وسادة للأمانة العامة، أو يمكن أن نتوصل إلى اعتماد هيكلية جديدة أقرب إلى أخذ كل منهما مكانه الحقيقي والصحيح.

 

كيف ينظر حزب سوريا المستقبل إلى المرأة عموماً، وهل يتوافق مع نظرة المجتمع الشرقي لها؟

رؤية الحزب إلى القضية الحياتية (المرأة في المجتمع) وكيف أنه يتوقف عليها مستقبل هذا المجتمع وحريته التي تعتمد بالدرجة الأولى على حرية المرأة، حتى يكون المجتمع قويماً وسليماً، يتطور في أركانه الأساسية بدرجة متساوية، وليس بالنظر إلى المرأة وكأنها عنصر من الدرجة الثانية أو الثالثة.

تهميش المرأة وإقصاؤها في عملية البناء المجتمعي، هو أحد الأسباب الأساسية لعدم التقدم في المجتمعات.

نحن أحوج في هذه المرحلة الحساسة إلى التأكيد والنضال الجدي والمسؤول، لتمكين المرأة سياسياً وتنظيمياً، لتقرر أن تأخذ دورها في عملية البناء والتحرر، بتثبيت ضمانات المساواة الكاملة بين المرأة والرجل في جميع مجالات الحياة.

 

في زيارة سابقة، وبرفقة هفرين إلى منبج، شاهدنا تحركات سريعة، لوحدات محلية عسكرية خاصة. طلبوا منا، أن نغادر بسرعة، قبل أن نعرف أن خلية إرهابية نائمة كانت تعدّ لعملية تفجير. تتواجد هفرين في منطقة غير آمنة، هل يقلقك ذلك؟

تواجدي في منبج في تلك اللحظة، وفي الرقة اليوم، والبارحة في الطبقة وغداً في حلب، أو في أية مدينة سورية، لا يشعرني بالقلق. إذا كان العبء كبير، فإن الهدف أكبر.

هفرين هي امرأة سورية، تطمح أن يكون لها بصمتها في أخذ دورها إلى جانب غيرها في خلاص الشعب السوري، وإيصاله إلى بر الأمان، باعتبارها صعدت سفينة سوريا المستقبل.

وآمل أن من يقوم بالأعمال  التي ذكرتها من الإيذاء والقتل أن يعودوا إلى رشدهم. أياً كان المقابل لا يعادل ابتسامة طفل يمسك بيد والديه متوجهاً إلى حديقة ليلعب مع رفاقه.

 

كيف تنظر هيفرين إلى مستقبل مناطق شرق وشمال سوريا؟

ما نراه اليوم في شمال وشرق سوريا على أرض الواقع، الذي يمثل بذرة دمقرطة سوريا المستقبل مع بعض الملاحظات في آلية التطبيق، تعود إلى مسائل الذهنية والعوائق، التي تنجم في الفهم النظري والترسيخ العملي ، بالإرادة والإيمان بنجاح هذا المشروع نتخطى تلك العوائق، كونه ناتج عن إرادة الشعب في المنطقة بكل مكوناتها القومية والدينية.

أستغرب حين يتساءل البعض عن شرعية هذا المشروع الديمقراطي. وهل هناك قوة أكبر من الشعب لتمنح الشرعية لإدارته.

وإننا نراه نموذجاً قابلاً للتعميم في سوريا، لنصل إلى إدارة دولة سوريا الديمقراطية التعددية اللامركزية.

هل هناك كلمة ترغب هيفرين بتوجيهها إلى نساء سوريا؟

حتى نصل بالمرأة إلى المستوى الذي نطمح له في مستقبل سوريا وتنال حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتكون في مراكز صنع القرار بروح المرأة الحرة، التي نسعى جميعاً لتكون عماد كل تنظيم ،و ركن كل عمل، وأساس أي نجاح في تثبيت دعائم بناء المجتمع وتقدمه على أن يكون تواجدها فيه عملياً وليس شكلياً، والوقوف وقفة جدية في وجه جميع الممارسات التي تحاول النيل من كرامة وحياة الشعب السوري بتكاتفنا وتماسكنا، بداية مع المرأة التي ترضع وليدها حب الوطن، وصولاً إلى المرأة القائدة التي تضحي من أجل الوطن.

 

حوار طالب إبراهيم

عضو قيادة منظمة أوروبا

#حزب_سوريا_المستقبل