ملتقى مركز روج آفا للدراسات.. الإبادة العرقية والتغيير الديمغرافي في شمال وشرق سوريا

916

عقد مركز روج آفا للدراسات الاستراتيجية NRLS،ملتقى حواري تحت عنوان “الإبادة العرقية والتغيير الديمغرافي في شمال وشرق سوريا”، وذلك في مدرج مركز آرام تيكران للثقافة والفن بمدينة رميلان في مقاطعة قامشلو شمال شرقي سوريا.

قسمت أعمال الملتقى على ثلاث جلسات حوت محاضرات ومحاور عدة تم مناقشتها ,وذلك بمشاركة خمسة وثلاثون ممثلاً عن الأحزاب السياسية وثمانون شخصية من المجتمع من حقوقيين ومثقفين وأكاديميين ومن مؤسسات المجتمع المدني.

خلال الجلسة الأولى للملتقى والتي كان محورها حول “عمليات الإبادة العرقية والتغيير الديمغرافي الذي استهدف سكان المنطقة وعانوا منها عبر التاريخ”، والتي تضمنت ثلاث محاضرات أدارها الحقوقي والكاتب السياسي المستقل نايف جبيرو أكد فيها المحاضرون أن الدولة التركية تقتدي بنهج الإمبراطورية العثمانية في إبادة شعوب المنطقة، ودعوا إلى تفعيل القوانين الدولية فيما يخص جرائم الإبادة، ومعالجة أسبابها الجذرية.

أما الجلسة الثانية الجلسة الثّانية: فكانت حول تعريف وتقييم الانتهاكات المُرتكبة في سياق عمليّات الإبادة العرقيّة والتّغيير الدّيمغرافيّ من النّاحية الحقوقيّة والقانونيّة، وتحديد الموادّ والبنود المُدرجة في الميثاق الدّوليّ والقانون الإنسانيّ الدّوليّ، والاتفاقيّات ذات الصّلة الّتي تُشكّل تلك الانتهاكات خرقاً لها، وبشكلٍ خاصّ بعد تدهور الأوضاع وبروز كارثة إنسانيّة مُقارنة بالوضع قبل تعرّض المنطقة إلى عدوان واحتلال الجيش التّركيّ ومرتزقته، وبالتّالي الوصول إلى آليّة قانونيّة لمحاسبة الجناة المرتكبين لتلك الانتهاكات.

وبحضور المهندس إبراهيم القفطان رئيس حزب سوريا المستقبل عقدت الجلسة الثّالثة والتي كان المحور الرّئيس للجلسة فيها يتمحور حول الحلول، وتحديد الآليات والسّبُل الّتي تدعم الجهود المبذولة لمقاومة عمليّات الإبادة العرقيّة والتّغيير الدّيمغرافيّ وإيقافها، وتدعم الإصرار على التّشبّث بالتّراب.

حيث ألقى المهندس إبراهيم قفطان كلمة شرح فيها رؤية حزب سوريا المستقبل في حل الأزمة السّوريّة والتي بدأها بالقول ” آنَ الأوان أن تلعب الأحزاب السياسية الديمقراطية العلمانية، وهيئات المجتمع المدني السوري دوراً فاعلاً في إيجاد الحلول للأزمة السورية ، وأن تنتقل من لعب دور المُتعامِل للنتائج الكارثيَّة للأزمة، إلى دور اللاعب الفاعل في بناء الدولة الحديثة وأن تكون شريك أساسياً على طاولة الحلول والمفاوضات، وأن تتمثل بكل أطياف الشعب السوري ، خصوصاً بعد أن ثبتَ عجزُ الأطراف المتصارعة من كافة الجهات النظام كان، أم المعارضة المرهونة للخارج في تقديم برامج قابلةً للتنفيذ تنهي الأزمة وتحقّق إرادة السوريين” .

وأضاف “تحتاج سورية إلى أفكار، وقيم جديدة، ومحفزات قادرة على انتشالها من هذاالواقع.، لكن مع وجود النظام بعقليته الأمنية وأفكاره ، وفي ظل تراجع القيم الوطنية في سورية، يبدو مستحيلاً عبور المرحلة الجديدة بهذه الأدوات في ظل حكومة مركزية ، ولقد ضحت الحكومة المركزية بالنخب التقنية، والمتعلمة من خلال التهجير ،والآن أصبحت أسهماً في أرصدة ثروات الدول التي استقبلتها، ولا يوجد ما يشجعها على العودة رغم مطالبتنا بالعودة الآمنة للشعب السوري، وكما حطم الأسس الوطنية السورية، ودمر رأسمالاً رمزياً مهماً كان يمكن أن يكون عاملاً مساعداً على تجاوز هذه المرحلة، وما لم يتم إصلاح هذا العطب في الجسد السوري، سيكون مستحيلاً ، وكذلك الدول الراعية لن تحقق أي نتيجة إيجابية لتدخلها في سورية، ولن تنفعها مناوراتها وتكتيكاتها لتدجين المعارضة السورية أو النظام وخداع اللاعبين الآخرين”.


واختتم القفطان كلمته قائلاً “على الرغم من صعوبة تأطير حزب سوري وطني ، منظم حزبيا، أو بأي شكل سياسي واضح المعالم اليوم، نتيجة الأوضاع الاستبدادية السائدة داخل سورية واحتلال أجزاء منها والتدخلات الدولية والإقليمية وبغض النظر عن طبيعة الجهة المسيطرة، وبحكم التشتت والتبعثر السوري داخل الوطن وخارجه ، إلا أن الحديث عن أهداف حزب سوريا المستقبل وتوجهاته ورؤاه وبرامجه ضرورة ملحّة وخطوة أولى في تجاوز القوى والأطراف المسؤولة عن نهب الثروات وتقسيم الوطن والمجتمع، وارتهان مستقبل سورية بمصالح الدول الخارجية ، وما يجب أن يُعرف هنا أن الحسم العسكري غير ممكن في ظل وضع سوري مشتت، ووضع إقليمي ودولي لا يريد انتصار طرف دون طرف ، في حين فقد النظام والمعارضة قوتهم وباتوا يعتمدون على قوى طائفية مستجلبة من الخارج ، ولذا فمن يتحكم في الصراع هو قوى إقليمية ودولية أكثر من القوى الداخلية، والأسوأ من ذلك أن القوى الأصولية باتت تتصدر المشهد، حيث تمتلك المال والسلاح بدعم مباشر من دول إقليمية، وتعمل على فرض سلطة أكثر سوءاً ، وكما انحصرت أهداف الثورة في إسقاط النظام ، وهو الهدف الذي ظهرت استحالته ، ولنعلم وليعلم كافة الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية أن سوريا اليوم ليست سوريا قبل الحرب، وإن كان الرئيس هو نفسه، ونوعية الوزراء والنواب هي نفسها، والأجهزة الأمنية هي نفسها، فالشعب صار أكثر طائفية وراديكالية في بلد مدمر، ثمانون في المئة من أهله تحت خط الفقر، ومهجرين ونازحين، وتغيير ديموغرافي، وأحدث مشروع للدولة التركية، وهو نقل مليون سوري مهجر في تركيا للسكن في المنطقة الحدودية بين المالكية ورأس العين وتل أبيض، ورغم أن الصورة التي رسمها غيربيدرسون الموفد الدولي الخاص أمام مجلس الأمن، هي صورة “بلد محطم لا يزال في خطر وأزمة بسبب استمرار العنف والإرهاب وانتشار أربعة جيوش خارجية على أراضيه، فضلاً عن المعاناة والانتهاكات المروعة والمجتمع المنقسم بعمق والشعور باليأس بين الناس داخل البلاد وخارجها”، ووسط “شبح الحريق الإقليمي الأوسع الذي يلوح في الأفق من خلال ثورات العراق ولبنان والنزاع الدائر بين إيران وأمريكا لابد من حل للأزمة السورية عبر المسار السياسي ومشاركة كل السوريين بدون استثناء”.

اختتم مُلتقى مركز روج آفا للدّراسات الاستراتيجيّة بقراءة البيان ختامي والّذي قرأته عضو اللّجنة التحضيرية ليلى صوار والذي حمل جملة توصيات توصّل إليها المشاركون في الملتقى:

وجاء في نصّ البيان:

بدعوة من مركز روج آفا للدّراسات الاستراتيجيّة NRLS وتحت عنوان (مُلتقى الإبادة العرقيّة والتّغيير الدّيمغرافيّ: الأجندات، التّداعيات، واستراتيجيات المواجهة)؛ عُقِدَ في مدينة رميلان بإقليم الجزيرة في شمال شرق سوريا اجتماعٌ موَّسعٌ حضره ما يزيد عن مئة شخصية، من سياسيّين وباحثين وحقوقيّين وممثّلي المؤسّسات الحقوقيّة والمجتمع المدنيّ والإدارة الذّاتيّة في شمال وشرق سوريا.

ناقش فيه الحضور من خلال تقاريرهم ودراساتهم ومداخلاتهم عمليّات الإبادة العرقيّة والتّغيير الدّيمغرافيّ الّتي يرتكبها جيش الاحتلال التّركيّ ومرتزقته في المناطق المُحتلة من شمال سوريا، وبمختلف أبعادها التّاريخيّة والسّياسيّة والحقوقيّة، والبحث في سبل إيقاف هذه العمليّات ومحاسبة مرتكبيها وفق القوانين والمواثيق الدوليّة، وكيفيّة معالجة التّداعيات النّاجمة عن تلك العمليّات.

ثمّن المجتمعون الدور الرّيادي الّذي قامت به وحدات حماية الشّعب والمرأة وقوّات سوريا الدّيمقراطيّة في مكافحة الإرهاب وبدعم من التّحالف الدّولي لِما لذلك من تأثير إيجابيّ على أمن وسلم المجتمع الدّوليّ، ودور هذه القوّات في عقد تفاهمات واتّفاقيات مع العديد من الأطراف سواء أكانت على الصّعيد الدّاخليّ أو الدّوليّ لتجنيب الشّعب ويلات الحرب والحفاظ عليه من التّعرض للمزيد من الإبادة العرقيّة والتّغيير الديمغرافيّ؛ كما أشادوا بالظّروف الآمنة المستقرّة الّتي تحظى بها مناطق الإدارة الذّاتية لشمال وشرق سوريا، مقارنة مع حالة الفوضى وفقدان الأمان والاستقرار في المناطق الأخرى من الجغرافيا السورية وخاصّة تلك الخاضعة لاحتلال الدّولة التّركيّة.

إنّنا في إدارة مركز روج آفا للدّراسات الاستراتيجيّة في الوقت الّذي نعرب فيه عن بالغ شكرنا وتقديرنا لجميع المشاركات والمداخلات، والاستفسارات القيّمة الّتي بدرت من الحاضرين؛ فإنّنا نرفع للرأي العام العالمي خلاصّة أفكار هذا الملتقى الذي يعبّر عن إرادة نخبة من المفكّرين والمثقّفين والأكاديميّين والحقوقيّين والسّياسيّين في مناطق شمال وشرق سوريا الّذين لهم دور بنّاء في ترسيخ حالة السّلام والأمان الّذي ينعم به سكّان المنطقة منذ 2011؛ وذلك على شكل مقترحات وتوصيات والّتي تعتبر من أهم النّقاط المتّفق عليها من قبل المجتمعين، والهادفة إلى وقف الإبادة العرقيّة وإيقاف وإنهاء عمليات التّغيير الدّيمغرافيّ، وتحرير الأراضي المحتلّة وعودة المُهجّرين قسراً إلى ديارهم، ومحاسبة الجناة وتقديمهم إلى العدالة وتعويض المتضررين جرّاء تلك الممارسات؛ كلّ ذلك في إطار القانون الإنسانيّ الدّوليّ ومواثيق الأمم المتّحدة ذات الصّلة؛ والتوصيات هي كالتّالي: إنَّ التّقارير الموّثقة وأعداد الضّحايا المدنيين والظروف الصعبة للسكّان المُهجّرين قسراً عن مناطقهم والاستيلاء على ممتلكاتهم واحتلال جزء من أراضي دولة مجاورة، تشير إلى ارتكاب الدولة التركية ومرتزقتها انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وخرقاً فاضحاً للمواثيق والقوانين الدّولية؛ هذا الأمر يحتّم على الهيئات القضائية الدولية والمنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان القيام بمسؤولياتها والتزاماتها لإنصاف الضحايا ومحاسبة الجُناة.


إنّ تأكيد المجتمع الدولي على المواثيق والعهود والاتفاقيات والقرارات الدولية والالتزام بها كفيل بتشكيل ضغط مؤثّر على الدولة التركية لإيقاف عمليات الإبادة العرقية والتغيير الديمغرافي التي ترتكبها بحقّ مكوّنات شمال وشرق سوريا، ووضع حد لتدخلاتها السلبية في شؤون المنطقة. ويتطلب تحقيق ذلك وضع استراتيجيات وتنفيذ نشاطات سياسية وحقوقية مشتركة من قبل مؤسّسات المجتمع الدولي ومؤسّسات الأمم المتحدة؛ كما ويتوجّب على الدول الراعية لاتفاقيات وقف إطلاق النار في شمال شرق سوريا (الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا) إلزام الدولة التركية بإيقاف عدوانها على المنطقة وإنهاء احتلالها والسماح بعودة السكّان إلى مناطقهم وممتلكاتهم في ظروف آمنة ومضمونة.


تشكّل الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا ضمانة لمنع نشوء كيانات إرهابية في المنطقة تهدد السلم والأمن الدوليين، وقد كان لها دور مؤثّر في هزيمة تنظيم داعش الإرهابي وملاحقة خلاياه النائمة، ولها الفضل في حالة السلام والأمان التي تنعم بها المنطقة التي تديرها؛ لذلك أي هجوم أو عدوان على هذه الإدارة سيخدم الإرهاب وسيتسبّب بكارثة إنسانية وهذا ما حدث إثر عدوان الدولة التركية ومرتزقتها على المنطقة. إنَّ هذا الأمر يُحتّم على المجتمع الدولي تقديم الدعم والمساندة لهذه الإدارة على كافّة الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية، وإدراج ميليشيات ما يسمّى “بالجيش الوطني” التي ارتكبت انتهاكات بحقّ سكان المنطقة على لائحة المنظمات الإرهابية كون أعمالها وانتهاكاتها تشكّل مصدر دعم مادّيّ ومعنويّ وعسكريّ للتنظيمات الإرهابية، خاصّة تنظيمي جبهة النصرة وداعش الإرهابيين اللّذَين يدعمان هذه الميليشيات بالمقاتلين والمعلومات وتنفيذ عمليات تفجير واغتيالات عبر خلاياها النائمة.


تعتبر الإدارة الذاتية الممثّل الشرعي لمكوّنات شمال وشرق سوريا، وقد قدّمت قوات سوريا الديمقراطية- القوات الشرعية في شمال وشرق سوريا- الكثير من التضحيات لدعم الأمن والسلم الدوليين؛ وعدم مشاركة ممثّلين عن مكوّنات المنطقة في اللجنة الدستورية الخاصّة بمشروع حلّ الأزمة السورية المقدّم من قبل المجتمع الدولي يعتبر إجحافاً بحق هذه المكونات؛ وهي غير معنيّة أو غير مُلزمة بأي صيغة دستورية أو قانونية لم تشارك فيها؛ ويقع على عاتق المؤسسات المعنية في الأمم المتحدة إشراك الإرادة السياسيّة في شمال وشرق سوريا في جميع الأعمال والمؤتمرات المعنيّة بحلّ الأزمة السورية.


لتحقيق العدالة والسلام، والقضاء على التّطرّف الذي يشكّل جوهر ثقافة الكراهية؛ يتحتم إنشاء محكمة جنائية دولية مختصة بالنظر في الانتهاكات والجرائم المرتكبة في سوريا عامة، وشمال وشرق سوريا خاصّة؛ لمقاضاة الدولة التركية ومرتزقتها من الميليشيات الأصولية الرجعية كتنظيمات داعش وجبهة النصرة والفصائل المنضوية تحت جناح فيما يسمّى بالجيش الوطني على ما ارتكبوه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وخاصّة جريمة عمليات التطهير العرقي والتغيير الديمغرافيّ بحقّ سكّان المنطقة إلى جانب التسبّب بكارثة إنسانيّة وتغذية التطرّف وثقافة الكراهية؛ ويمكن لمحكمة العدل الدولية أو الهيئات القضائية الدولية الأخرى القيام بهذا الواجب.


إنّ طبيعة الأجندات المُحاكة وحجم المؤامرة التي تستهدف مكوّنات شمال وشرق سوريا، وما تعرّض له أجدادهم من قبل أسلاف الدولة التركية، يُحتّم على مكوّنات المنطقة بمختلف انتماءاتهم رصّ صفوفهم والتشبّث بتراب الوطن ورفع مستوى الدعم للإدارة الذّاتية في شمال وشرق سوريا ولقوّات سوريا الديمقراطيّة، وتصعيد المقاومة على جميع الصّعد الثقافية والاقتصاديّة والسياسيّة والعسكريّة لمقاومة مشاريع الاحتلال والهيمنة، والحفاظ على السّلام والهويّة الوطنيّة.

#حزب_سوريا_المستقبل
#المهندس_إبراهيم_القفطان
#مركز_روج_آفا_للدراسات_الاستراتيجية