بوتين أمام أزمة بعد سيطرتنا على النفط!

1٬115

يواجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحدياً مالياً جديداً غير مرحب به في سوريا، بعد أن مكّن الانسحاب الأمريكي حليفه بشار الأسد من استعادة أكبر مساحة في البلاد، كانت لا تزال خارجة عن إرادته.

قرار الولايات المتحدة الإبقاء على القوات في شمال شرق سوريا لحراسة حقول النفط، يحرم الأسد من الوصول إلى الأموال التي يحتاجها لإعادة بناء الدولة في الشرق الأوسط بعد ثماني سنوات من الحرب الأهلية. هذا يُضاف إلى الحاجة الماسة للمحادثات التي تقودها الأمم المتحدة بين الحكومة السورية وجماعات المعارضة في جنيف والتي بدأت الأربعاء “30 اكتوبر”، والتي قال بوتين إنها قد تكون “حاسمة” في تسوية النزاع.

رغم أن الاتفاق أبعد ما يكون عن الحدوث، فإن المفاوضات حول التغييرات الدستورية يمكن أن تساعد في إطلاق الأموال من حلفاء الولايات المتحدة في الخليج وأوروبا، الذين أوقفوا المساعدات بسبب علاقات الأسد الوثيقة بإيران، ورفضه تخفيف قبضته على السلطة من خلال إتاحة المجال لمجموعات المعارضة السورية المتنوعة.

وقال يوري بارمين، خبير شؤون الشرق الأوسط من مجموعة موسكو للسياسات، وهي شركة استشارية: “إذا رأينا بعض التقدم السياسي، فقد يكون هناك اهتمام أكبر بدعم إعادة الإعمار”. وأضاف في الوقت نفسه، “إن السلطات السورية تشعر حقيقة أنها رابحة”.

نجح التدخل العسكري الروسي في سوريا منذ عام 2015 في دعم الأسد في وقت كان يتعرض فيه لخطر الإطاحة به في تمرد تدعمه الولايات المتحدة وحلفاؤها.

تقدر الأمم المتحدة تكاليف إعادة الإعمار في سوريا بنحو 250 مليار دولار، ولا يمكن للقيادة السورية الاعتماد على أي من الداعمين الرئيسيين، إيران وروسيا، للحصول على تمويل كبير.

خففت المملكة العربية السعودية من مطالبتها بمغادرة الأسد السلطة فوراً، حيث أصبح الدور الروسي في سوريا مهيمناً بشكل متزايد، وتقلص الوجود الأمريكي. تسارع ذلك عندما أمر الرئيس دونالد ترامب الشهر الماضي القوات الأمريكية، والمكلفة بحماية القوات الكردية في شمال شرق سوريا بالمغادرة، مما أدى إلى هجوم تركي أجبر الأكراد على اللجوء إلى دمشق. أبرمت روسيا وتركيا الأسبوع الماضي تفاهماً، نتج عنه صفقة لدوريات مشتركة في منطقة حدودية في شمال سوريا.

ثم أعلنت الولايات المتحدة أنها بصدد إعادة انتشار قوات بالقرب من منطقة دير الزور المنتجة للنفط لمنع وصول تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” والقوات السورية والروسية إليها، وهي خطوة نددت بها وزارة الدفاع في موسكو باعتبارها “قطع طريق دولي داخل الدولة”. حذر مارك إسبير وزير الدفاع الأمريكي يوم الاثنين الماضي، من رد “ساحق” على أي تهديد للقوات الأمريكية هناك.

انتقد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف يوم الثلاثاء قرار البنتاغون بإعادة القوات إلى سوريا التي انتقلت عبر الحدود من العراق في وقت سابق، ووصف العملية العسكرية للسيطرة على حقول النفط بأنها “غير قانونية”.

جاءت المناورة الأمريكية في الوقت الذي شكر فيه ترامب روسيا على مساعدتها في الغارة الأمريكية التي قتلت زعيم تنظيم “داعش” أبو بكر البغدادي في محافظة إدلب شمال غرب سوريا.

اشتكت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي من أن البيت الأبيض أخبر الكرملين عن العملية مسبقًا مع إبقائها سرية على قادة الكونغرس.

وقال بارمين من مجموعة موسكو للسياسات: “إن روسيا التي كانت تستعد لشن هجوم لتحرير إدلب من سيطرة الجهاديين”. لكنه أضاف: “إنه من غير المرجح المجازفة بالإدانة الدولية، عن طريق إطلاق العنان لخسائر جسيمة في صفوف المدنيين، سيما أن هناك عملية سياسية جارية الآن”.

يمثل عمل ما يسمى باللجنة الدستورية، المؤلفة من 150 عضوًا من الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني، “خطوة في الاتجاه الصحيح، خطوة على الطريق الصعب للخروج من هذا الصراع”، كما قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا جير بيدرسن الاثنين في جنيف. “يمكن أن يكون ذلك بمثابة فتح الباب لعملية سياسية أوسع”.

قال عبد الخالق عبد الله، الخبير السياسي المقيم في دولة الإمارات العربية المتحدة: “من المرجح أن تستمر المملكة العربية السعودية في الإغلاق التام لسلاسل محفظتها المالية، حتى بعد أن تشرف الأمم المتحدة على الانتخابات الرئاسية في سوريا المقرر إجراؤها عام 2021”.

يرى القادة السعوديون أن روسيا هي أفضل فرصة لمواجهة إيران في سوريا، ومن غير المرجح أن تفوز المعارضة السورية بأي سلطة حقيقية، إلا أن الرياض لا تزال ترغب في رؤية طابع دولي للشرعية قبل أن تفكر في إعادة التواصل مع النظام السوري، وفقًا لعبد الله.

وقال عبر الهاتف “ستكون عملية طويلة وطويلة بالتأكيد”. “على الأسد أن يرتب لإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة. وستحدد النتيجة بعد ذلك، أي نوع من المساعدة الخليجية التي ستقدم إلى سوريا”.

لقد ضخت سوريا 24،000 برميل فقط من النفط يومياً في العام الماضي، والتي تبلغ قيمتها نحو 1.5 مليون دولار بالأسعار الحالية، بعد انخفاض الإنتاج بأكثر من 90٪ بعد سنوات الصراع والعقوبات.

By

Henry Meyer

ترجمة حزب سوريا المستقبل

عن بلومبيرج