مع تكاثر حالات الإصابة بفايروس كورونا “كوفيد-19″، انتشرت جائحة من الخوف بالتوازي مع الوباء المستجد، بسبب الإعلانات المستمرة والمكثفة في وسائل الإعلام عن إغلاق حدود وإلغاء أحداث وتجمعات عامة، وعرض صورَ “ذعر التسوق الذي سببه كورونا”، والنقاش في المجلات حول الهجمات العنصرية ضد آسيويين أشعلتها “المخاوف من الفايروس”. وفق جيسيك ديبياك، المحاضر النفسي في جامعة ميشيغان الأمريكي، نقله موقع عرب 48.
وانتشرت عدوى الخوف بشكل أسرع من الفايروس الخطير غير المرئي، فمجرد مشاهدة أو سماع شخص آخر يخاف من الفايروس، فإن متلقي المعلومة ينتابه الخوف أيضاً، دون أن يتقصى ودون أن يعرف سبب خوف الآخر.
إن الصور المخيفة، يمكنها أن تبقي الإنسان خائفاً دائماً، فالشعور بالخطر المباشر لا يهدأ، وتزيد عدوى الخوف في ظل نشاط غير المتخصصين الذين يعتمدون الفيس بوك وتوتير، ووسائل الإعلام التي تعمل على مدار الساعة.
طريق الخوف
عدوى الخوف ظاهرة قديمة تطورية لاحظها الباحثون في العديد من الكائنات الحية، والتي قد تكون قيّمة للغاية من أجل النجاة. فهروب غزال من ملاحقة نمر، يؤدي بشكل مباشر إلى هروب كامل القطيع.
ويتشارك البشر في هذه السلوكيات التلقائية وغير الواعية مع الكائنات الأخرى.
والناس، شأنهم شأن الحيوانات، يتمتعون أيضا بحساسية عالية للخوف الذي يعبر عنه أبناء جلدتهم. وتطور عدوى الخوف التلقائية واللاواعية في الكائنات الاجتماعية، تمنع زوال مجموعة كاملة أثناء الخطر، هذه المجموعة المحكومة بترابط أفرادها في ما بينهم.
وأكدت الدراسات أن انتقال الخوف الاجتماعي يكون أكثر قوة بين الحيوانات التي تنتمي إلى المجموعة ذاتها بالمقارنة مع الغرباء، وذلك ينطبق على البشر أيضا.
معالجة الخوف
ليست هناك طريقة لمنع عدوى الخوف من الانتقال، فهي تلقائية وتعمل في اللاوعي، لكن بإمكان الإنسان أن يسيطر عليها ويخفف من حدتها. وباعتبارها ظاهرة اجتماعية، فالكثير من القوانين التي تحكم السلوكيات الاجتماعية يُمكن تطبيقها لهذه الغاية أيضا.
فمع تناقل المعلومات المخيفة، توجد طرق أيضا، لنقل المعلومات المتعلقة بالأمان. إن وجود شخص ما في وضعية هادئة تتسم بالثقة، يساهم في التغلب على الخوف الذي يكتسبه الآخرون من خلال ملاحظته هادئاً.
إضافة إلى ذلك، تُعدّ الأفعال ذات أهمية أكبر من الكلمات، إذا أرادت جهة ما أن تشرح للجمهور أنهم ليسوا بحاجة إلى ارتداء أقنعة الوجه الواقية، لكنها تواصل عرض صور لأفراد طواقم طبية يفترض أنهم أصحاء، وهم يرتدون أقنعة وبدلات واقية، يؤدي إلى نتائج عكسية. وبالتالي، سيميل الناس على الأرجح، لشراء أقنعة الوجه الواقية، لأنهم يرون شخصيات رسمية ترتديها عند مواجهة خطر غير مرئي.
وطبعاً تبقى الكلمات مهمة، لذا يجب تقديم المعلومات حول الخطر والسلامة بوضوح، بالإضافة إلى تعليمات واضحة حول ما يجب القيام به، فعندما يشعر الشخص بضغط كبير، يكون من الصعب عليه معالجة التفاصيل والفروق الدقيقة. وحجب الحقائق المهمة أو الكذب يزيد من عدم اليقين لدى الناس، ويزيد عدم اليقين بدوره، من المخاوف والقلق لدى الناس.