إبراهيم القفطان: لا تُطْفَئ النار بمواد مشتعلة

1٬458

ما يحصل في سورية حقيقة هو إطفاء النيران بمواد أشد اشتعالاً، فكل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية لا ترغب بإطفاء الجحيم السوري بقرارات وطنية أممية تشمل كل السوريين، وكل ما تسعى إليه هذه الأطراف هو إطالة عمر الأزمة وإبقاء هذا الجحيم مستعر، بعضها لمصالحها والبعض خوف على بلدانهم، والآخر حرصا على المناصب. لكن ما على أبناء الشعب السوري إلاّ أن  ينظر إلى مشروع وطني ديمقراطي، وجبهة وطنية تجمع كل أطياف المجتمع السوري، وتكون مبادرة حل للأزمة إن كانت على الصعيد الدولي أو الإقليمي  أو المحلي لإطفاء هذه النار الملتهبة، وأن تكون هذه الجبهة الجماهيرية هي الأساس لنواة الحل، وإن التحدي الذي نواجهه في سورية اليوم هو تحديد طريق للخروج من “الجحيم” ، ويُقدر كل من كان في داخل الجحيم ، أو على أطرافه أن مصالحه عالقة فيه.

إما أن يخسر كل شيء، أو يربح شيئاً ما، من خلال مصالحه والأمل بالكثير هو الغالب، فالجحيم لا يعنيهم إلا بقدر ما يستثمر، لهذا يستمر ، أما الذين يحترقون فهم السورين،  ولن ينتج عنها شيء طالما هناك دول المصالح ورعاة هذا الجحيم، لا يرغبان في إطفائه ، بالتالي لن يثمر سوى الحرائق ، فلا تقريب لوجهات النظر بين الأطراف ، وإن قيل إنهم ذللوا بعض العقبات ، ولا أي تقارب سيحصل ما دامت العقبات هي أولوية ، لاسيما وأن كثير من الدول الممسكة حالياً بمفاتيح الحل غير مستعجلة على الحل السياسي، ما دام الحل العسكري هو المتبع على الارض، وإن علاقة روسيا وإيران بالنظام لم تتغير أو تتراجع ، كلاهما لم يوفرا سلاحا ولا قتلاً، ولا دماراً لكن لا حل، إن لم يحسبوا حساباً للسوريين، وهذا ما يعرفونه جيداً .

لم تعمل الدول الراعية ولا أصدقاء الشعب السوري على مساعدة السورين بشكل جدي، بينما عملوا على قهرهم بإرسال ميليشياتهم المذهبية والطائفية ، ولم يوفر جنرالاتهم وخبراءهم وجنودهم من الموت السوري ، وبعضهم لم يكتفي  بالفيتو ، بل عمل على تزويد النظام وبعض المليشيات بالسلاح، والقيام بالدفاع عنهم أمام  المحافل الدولية ، وإن عقد الحوارات الغير مسؤولة لا تجدي بين الأطراف الغير مؤمنة بالحل ، خاصة أن بعض الدول استدرجت بعضها إلى العمق السوري ، بحجة أن المجتمع الدولي أخفق في حل الأزمة السورية، مع التلويح بحل سياسي ستفرضه على الجميع ، لكن التدخل لم يكن سياسياً بل كان غزوا عسكرياً ، والأولوية للطيران الذي لم تكن وجهته محاربة الإرهاب بل قتل المدنيين .

إن دخول بعض الدول إلى سورية وخروج البعض منها، ليس أكثر من تقاسم الأرباح والخسائر، لأن القسمة من قبل لم تكن عادلة، فالدول ليسوا على وفاق كامل إلا إزاء مصالحهم، ولا يمكن أيضاً البناء كثيراً على خلافاتهما، ولا على اتفاقاتهما ، رغم أنهما يبغيان تقصير أمدها باتباع استراتيجية الإبادة والأرض المحروقة ، وسوف يرتد تأثير الجحيم السوري على هؤلاء الذين طالما حاذروا الاقتراب منه، فهو ليس مجرد جاذبية جهنمية، بل صار مطية تمنح المغامرين ذوي الآفاق الاستراتيجية مكانة دولية،

ومهما كان هذا الجحيم، فلا خلاص منه إلاّ بجبهة وطنية مؤمنة بالحل السوري السوري وتغير الأنظمة الشمولية الفاسدة واعتماد النهج الديمقراطي التعددي اللامركزي .

#حزب_سوريا_المستقبل
#إبراهيم_القفطان