بيان إلى الرأي العالمي والعام

821

بعد عشر  سنوات من الصراع لا تزال فرص التسوية الحقيقية مغيَّبة عن هذا البلد الذي عانى الكثير من الويلات والخراب والدمار، بفعل التدخلات الخارجية, في حين تريد أنقرة فرض دور لها في أيَّة مرحلة من المراحل المستقبلية، ونيل حصتها بين اللاعبين الدوليين، لكن أيَّاً تكن هذه الحسابات، فإن الشعب السوري هو من يدفع ثمن فاتورتها الباهظة، سواءً بالعقوبات، أو باستمرار النزيف الدموي، أو اعتماد فصول جديدة من الحرب التركية الأردوغانية ضد الشعب السوري بمختلف مكوناته وأطيافه, لاستكمال احتلالها للأراضي السورية وتتريكها، مرَّة عبر الاحتلال العسكري المباشر أو غير المباشر عبر مرتزقتها, وأخرى عبر التهجير القسري ونهب ثرواتها أو عبر بناء جدران الفصل العنصري بين المناطق السورية المختلفة, والانتهاء بحرب جديدة ضد ملايين السوريين المقيمين في شمال شرق سوريا وهي حرب المياه التي تهدد المدنيين والثروات الطبيعية والنباتية والحيوانية بالموت عطشاً.

وفي مشهد صادم للسكان المحليين الذين يعيشون على ضفاف نهر الفرات, انخفض منسوب مياه النهر إلى مستويات قياسية تنذر بكارثة إنسانية وبيئية قادمة, وذلك بسبب منع سلطات الاحتلال التركي تدفق مياه النهر ووصولها إلى الأراضي السورية, و تخزينها في السدود التركية, واستخدام المياه كسلاح في حربها ضد الشعب السوري.

حيث أنَّ الوارد المائي لنهر الفرات من طرف تركيا بلغ أقلّ من ربع الكمية المتّفق عليها دولياً, حيث لا يزيد معدل تدفق مياه الفرات القادمة من تركيا بحدود ٢٠٠  متر مكعب في الثانية أي بمعدل أقل بـ ٣٠٠ م3/ث المتفق عليه في المعاهدة التي وقعت عليها (العراق-سورية-تركيا), ويعتبر القانون الدولي نهر الفرات نهراً دولياً وليس حدودياً كما تدعي تركيا، لأنه يعبر عدَّة دول، وفي سنة 1987 تمَّ إمضاء اتفاق مؤقت يقضي بتدفق نهر الفرات بما لا يقل عن 500 م3/ث والتي تتقاسم بدورها مستوى تدفق مياه مماثل مع العراق.

وهذه العملية التي تقوم بها تركيا بدورها سوف تتسبب بجفاف في الآبار الجوفية وفقدان مياه الري للمحاصيل الزراعية لهذه المنطقة التي تعتبر السلة الغذائية لسورية, بالإضافة للضرر الكبير الذي سيلحق بالبيئة والتنوع البيولوجي والتربة ومشاكل التصحر, وكذلك ما سينتج عنه من أضرار للثروة الحيوانية والمزارعين في القرى المحاذية لمجرى النهر، وتسببت أيضاً بانخفاض منسوب المياه مما تسبب بانقطاع المياه عن مناطق جديدة في محافظتي الرقة ودير الزور، فضلاً عن توقف عنفات توليد الطاقة الكهربائية، والأضرار الكبيرة التي لحقت بالثروة الحيوانية والزراعية في مناطق الجزيرة السورية.

إنَّ حرب المياه هذه التي تنتهجها سلطات الاحتلال التركي عملية انتقامية لا تقل بشاعتها عن  ممارساتها الإجرامية الأخرى في دعم المجاميع الإرهابية وخاصة انتهاكاتها في المناطق التي احتلتها من عفرين إلى رأس العين وتل أبيض وإدلب وفشلها بالتوسع في مناطق أخرى، حيث تهدف إلى ممارسة الضغط الاقتصادي بما يهدد الواقع المعيشي والأمن الغذائي والمائي لهذه المناطق وسكانها من الناحية الزراعية والثروة المائية ويشكل خطراً على البيئة وفقدان الثروة السمكية.

إنَّ هذه الجريمة الجديدة التي ترتكبها تركيا بحق الشعب السوري وتعطيشه, تضاف إلى باقي جرائمها وانتهاكاتها بحق الشعب السوري لتضاف كجريمة حرب ضد الإنسانية، في ظل غياب المجتمع الدولي ودوره الفاعل، إضافةً إلى ممارسات النظام الاستبدادية إلى أن وصلت سوريا إلى هذا الحد من تدخل الدول في الشؤون الداخلية, وعدم تطبيق الاتفاقية المشتركة بين سوريا وتركيا حول توزيع حصص المياه في نهري دجلة والفرات.

وبناءً على ما تقدم فإنَّنا في حزب سوريا المستقبل نُطالب المجتمع الدولي والمنظمات الدولية الحقوقية منها والإنسانية, الضغط عبر كافة السبل الدبلوماسية والقانونية والإعلامية والحقوقية على الحكومة التركية لإنهاء هذه الحرب الكارثية وإلزامها بتطبيق اتفاق عام ١٩٨٧ والإفراج عن الحصة المائية لسورية كاملة بموجب هذا الاتفاق.

حزب سوريا المستقبل
الرقة
٤ – ٥ – ٢٠٢١