لبنان.. سباق تركي في الخراب!

2٬889

حطت طائرة اوقطاي نائب الرئيس التركي، مع تشاويش اوغلو وزير الخارجية، في لبنان، بعد أقل من 48 ساعة على زيارة ماكرون الرئيس الفرنسي إليه.
جاءت الزيارتان بعد الانفجار الكبير الذي ضرب مرفأ بيروت، وحوّل العاصمة الساحلية إلى خراب.

في لقاءاته المتكررة، الشعبية منها والإعلامية، حاول الرئيس الفرنسي، أن ينأى بنفسه عن فساد السياسة اللبنانية وفساد مالها ومسؤوليها، وطالب بتغييرات جذرية، بدون أن يشرح تفاصيلها، وهو يتحدث عن تقديم تمويلات لمساعدة المنكوبين، وحتى لا يكرر أخطاء فرنسا والأوروبيين والخليجيين في إرسال التمويلات إلى الجهات الفاسدة في لبنان، قال: “سنكون حريصين على تمرير المساعدات إلى أصحابها الحقيقيين”.


أظهرت زيارة الرئيس ماكرون إلى بيروت المنكوبة، مدى أهمية لبنان إلى فرنسا. لكن معيار الأهمية هذا، يعيقه عجز الحكومة الفرنسية منذ عقود طويلة عن التأثير في الساحة السياسية والعسكرية والمالية والاقتصادية اللبنانية.
الحالة الاقتصادية المزرية التي وصل إليها لبنان، والتظاهرات المستمرة منذ أشهر من قبل المواطنين اللبنانيين، والذين يطالبون بتغييرات جذرية، شرحوا تفاصيلها، ليس فقط في حالتهم المعيشية، ولكن في الحالة السياسية، والبرلمانية والحكومية، والميليشياوية، والوصاية الإقليمية، والتهافت الدولي على الفوز بحصة من الكعكة اللبنانية.

في حالة الشؤم والفوضى والصراعات المتواصلة، يظهر “الطربوش” التركي، والذي وجد فرصة للعب في فوضى الساحة اللبنانية، لن تتكرر في العقود القادمة، من تسخيرٍ فيمن يمكن تسخيره في الطوائف اللبنانية وإقطاعياتها، وأقلياتها.
زار اوقطاي الرئاسة اللبنانية، وشارك في المفاوضات مع من اتهمهم ماكرون بالفاسدين، واستقبله الرئيس اللبناني ميشيل عون في القصر الرئاسي، رغم أن اوقطاي نائباً للرئيس، وكان يجب أن يستقبله من هم دون عون في المقام الرئاسي، وفق العادات البروتوكولية، لكن الأزمة الكبيرة التي يمر بها عون وحزبه وتحالفه ورئاسته، تسمح له بالقفز فوق المعايير الدبلوماسية والبروتوكولية، والأخلاقية.

منذ قيام الدولتين اللبنانية والتركية، لم يزر رئيس أي منهما الآخر، في إشارة إلى حجم إهمال كل طرف للآخر. لكن في لحظة حدّية، ورغم الجفاء الرئاسي، ورغم اعتراف لبنان بالمجازر الأرمنية، وبارتكاب العثمانيين لها، ورغم النقد الشديد الذي قاله مراراً وتكراراً الرئيس عون عن تركيا وديكتاتوريتها ومجازرها، وصل اوقطاي مدفوعاً بأوامر اردوغانية للاستثمار السياسي والأخلاقي في لبنان، واستقبله الرئيس عون.

تحدث اردوغان عن منحه الجنسية التركية لكل من يقول أنه تركماني في لبنان. وهي الخطوة الأولى في استثمار الفوضى اللبنانية، بعد محاولات متواصلة في استثمار تنظيم الأخوان المسلمين وغيرهم من التنظيمات الراديكالية في لبنان، وبعد تربية وتطويع لقرى وجماعات لبنانية في خدمة الطربوش التركي.

خطوة اردوغان انطلقت في نكبة مرفأ بيروت، وفي منح التركمان الجنسية التركية، ولن يألو جهداً في الفترة القادمة عن استخدام التركمان والأخوان وفساد السياسة والمال في لبنان في تنفيذ الأجندة التركية، والفوز بحصة “الطربوش” في تخريب لبنان المخرب، وإفساد لبنان الذي نخره الفساد.

طالب إبراهيم