عبد الوهاب بدرخان يكتب: نصر الله يعالج الأزمة ب”المزاح”!

920

 

يحاول الثنائي، “حزب الله” و”التيار العوني”، التذاكي على الانتفاضة اللبنانية التي لا تزال تدهشهم بسلميتها وشمولها. ميشال عون يراهن على يأس اللبنانيين ويقترح عليهم أن يهاجروا، وهم يبادلونه النصح بأن يبادر الى المغادرة. حسن نصرالله مهجوس بـ “المؤامرة” الاميركية وبـ “حلٍّ أمني” كما في العراق. 

كانوا جميعاً في الحكومة المستقيلة ولم يتوانوا عن العرقلة والمماطلة والتعطيل. مارسوا كل أنواع الترف في إدارة الوقت، مستهلكين بضعة شهور في مناورات استيلاد الحكومة وبضعة أسابيع لحلّ قضية قبر شمون ثم بضعة شهور لإقرار الموازنة.

وفي الأثناء كانت الأزمة الاقتصادية – المالية تعتمل، ومصداقية الدولة تتعفّن، والتصنيف الائتماني الدولي يهبط.

ماذا لو استيقظوا صباح غدٍ متفقين على حكومة اختصاصيين أو حكومة تكنو – سياسية؟

لن يتردّدوا في إفشالهما سريعاً، وبـ “ثورة” مضادة. فالأولى التكنوقراطية ستسارع الى قرارات حاسمة سعياً الى “الصدمة الإيجابية”. والثانية ستبدأ العمل مع سياسيين داخلها ضاغطين على فرامل التقنيين. وفي الحالين سيكون المجلس النيابي لهما بالمرصاد، ذاك أن قاسم سليماني سيحرّك “غالبيته” البرلمانية، ويُذكر أنه كان أول من تحدّث عنها.

هذا ما يُفهم من تخصيص الأمين العام لـ “حزب الله” نصف خطابه الأخير لتفنيد سلبيات السياسة الأميركية، بما فيها من عقوبات معلنة أو مبطنة.

فالحراك الشعبي اللبناني عنده مجرّد نقطة في بحر الصراع الأميركي – الإيراني، واستناداً الى “انتصار” ايران (كما اعتبر بدليل “معجزات” الحوثيين في اليمن)، فإنه تجنّب الكلام عن انتفاضة العراق، وهي في جوهرها ضد الهيمنة الإيرانية. أما بالنسبة الى الانتفاضة اللبنانية فحاول حسن نصرالله طرح مقاربة جديدة لاستبعاد أي دور لـ “حزب الله” في أساس الأزمة التي غرق فيها لبنان.

اختصر المشكلة بكلمتين: الفساد وأميركا. ناب عن الدولة ورئيسها وحكومتها ومؤسساتها وقوانينها (مؤكّداً أنه يهمشّهم جميعاً) لمنح “الأمان” للقضاء والقضاة وحثّهما على محاسبة الفاسدين، كما لو أن “الحزب” مسح تاريخه العامر بعدم تسليم القتلة والمعتدين وتجاهل القضاء وترهيب القضاة. وإذ نزّه نصرالله “حزبه” ضمناً (“ابدأوا بنا”) فإنه ضامن مسبقاً أن أحداً لا يملك ملفّاً عن الأنشطة التجارية عبر المعابر والمنافذ، بل إن أحداً لن يجرؤ على التعرّض لتمويل “المقاومة”. أن تعرف أميركا تفاصيل هذا التمويل فلا بأس، أما أن يعرف اللبنانيون فممنوع.

لو سأل “حزب الله” خصومه الألداء عن السياسة الأميركية لزادوا الكثير الى ما جاء به نصرالله، لكن الاستنتاجات التي قدّمها الأخير تريد أن تقول في ما خصّ لبنان وغيره أن العلّة في أميركا وليست في إيران أو “حزب الله”، وما على الثائرين في بيروت وطرابلس وجلّ الديب وصور والنبطية سوى أن يحسنوا تصويب غضبهم للمطالبة بإسقاط النظام المالي العالمي الذي تتحكّم به أميركا. فإذا كانت الصين وروسيا وأوروبا عاجزة عن إسقاط هذا النظام المالي الاميركي فإن إيران وميليشياتها قادرة. لكن نصرالله الذي لفّ الكرة الأرضية مشهّراً بالهيمنة الأميركية عاد الى الفكرة “الإنقاذية” الوحيدة للاقتصاد اللبناني: إذهبوا الى الأسد!.. الى الأسد المفلس. على رغم فداحة الأزمة استخدم الأمين العام “روح الدعابة” في المقام الخاطئ.

 

منشور في صفحته في الفيس بوك.

#حزب_سوريا_المستقبل

#مقال