رياض درار.. طموح أردوغان العثماني

1٬025

 

طموح أردوغان العثماني كان يمكن التوصل إليه باستمرار التقدم الإصلاحي في الاقتصاد التركي، وكان يمكن التفاهم حوله عبر مزيد من الإخاء مع الشعوب ومنها الشعب السوري الذي تبجح مراراً “إنهم المهاجرون ونحن الأنصار”. الشعار الكاذب الذي فضحته عمليات النقل الإجباري للشباب السوري إلى مناطق التصعيد في إدلب، ليجبروا على المشاركة في الفصائل التي تأتمر بإمرة الاحتلال التركي هناك. وكان يمكن أن يعطي دليلاً على صدقه لو انفتح على الشعب الكردي في تركيا، وسمح لممثليهم بالتعبير عن حقيقة كينونتهم ووجودهم، وهم يتقدمون بشكل حضاري من خلال المشاركة السياسية والاستعداد الفعلي بالعملية السياسية وعبر المؤسسات الوطنية. كان يمكن لأردوغان التعبير عن انفتاحه بمزيد من الإسهام في فتح باب الحريات بدل زج قادة الشعوب الديمقراطية في المعتقلات. لكن؛ ذلك لا يفلح لمن كانت بطانته الخوف، وعمق تفكيره الاستيلاء، ومنبع منهجه الخوض في الدماء لتحقيق السيطرة.

لم تكن الانطلاقة الثورية في الجزيرة السورية موجهة لحظة واحدة لتهديد الأمن التركي، كما يدعي أردوغان وحكومته، ولم يسع أحد لإطلاق رصاصة باتجاه تركيا رغم التهديدات المستمرة للتجربة النضالية التي استطاعت مواجهة داعش. داعش التي تلقت دعماً مستمراً غير مقطوع من الدولة التركية التي سهلت حركتهم ومرورهم، وتعايشت معهم ثلاث سنوات، تتبادل معهم المهربات من الآثار السورية إلى النفط إلى السلاح. وسكتت عن جرائمهم وهم يقتلون أبناء الشعب السوري بتهم زائفة منحرفة معبرة عن مفاهيم دينية سلطانية متخلفة. وفي معارك كوباني قدمت دولة الاحتلال التركي الدعم لداعش وسهلت لهم العبور، عبر المعبر الوحيد مع الفجر، ليقوموا بقتل المئات من الأبرياء. ولكن؛ أسطورة داعش انتهت، لتستيقظ الأطماع التركية ساعية عبر تقديم المزيد من التنازلات لشركائهم في آستانا؛ بغية الحظوة بمكاسب تقدمها روسيا، وتقايضها على الباب وجرابلس مقابل حلب، وعلى عفرين مقابل الغوطة، وتستجلب المتطرفين لتجميعهم في إدلب، ومن ثم تساوم عليهم لتسليمهم مقابل ما تسميه منطقة آمنة على الحدود، حيث تهدد المشروع السوري الوحيد الذي يحظى بالاستقرار والهدوء والأمان، والذي يقيم تجربة يمكن أن تشكل مخرجاً سورياً من الأزمة وتحل على أساسها المشكلة السورية.

اللعبة ليست مع دولة الاحتلال التركي؛ لأنها أصبحت أداة وتسعى للابتزاز في كل الجهات بعد أن تخبطت سياساتها، وبدأت تتآكل من داخلها، فتركيا الآن جزء من تحالف الشرق الثلاثي “تركيا وإيران وروسيا” الذي تشكل بغية الضغط على السياسة الأمريكية، لإخراجها من المنطقة، ولتصبح خالية للاعبين الثلاثة، وأمريكا حتى الآن لا تستجيب وهي بسبب حسابات انتخابية تتلكأ عن اتخاذ مواقف حاسمة، ولا تسعى للتصعيد خاصة مع إيران التي أعطت للآخرين تصوراً أن أمريكا ليست بوارد مواجهات عسكرية، وهو ليس ضعفاً؛ لأن القوة الأمريكية لا يستهان بها. ولكن؛ لحسابات داخلية ولغياب التوافق الدولي. وهذا يجعل دولة الاحتلال التركي تقوم بالتصعيد والتهديد الدائم لشرق الفرات اختباراً وابتزازاً، ويقومون بالضغط على قوات سوريا الديمقراطية الحلفاء بمواجهة الإرهاب، ويستمرون بالتهديد الذي يعد بأنهار من الدماء التي هي من طبائع الوحوش التي اعتادت أن تتعمد بالدماء، وأن تتوضأ بها باعتبار أن الجهاد دين وأن الدماء طريق تحقيقه. في الشعر الفارسي يقول شاعر : “إنهم يتوضؤون بالدماء؛ فلنقم نحن صلاة الجماعة”.

إنه كلام معبر فهؤلاء المدعون الإيمان يرتكبون الآثام باسم الدين، وأيديهم ملطخة بدماء أضحياتهم، وما على الضحايا إلا أن تتجمع وتوحد كلمتها؛ لأنهم بوحدتهم سيحققون الصمود ويكشفون كذب ادعاء أعدائهم وزيف إيمان الظالمين.

فيا أردوغان؛ هذا شعب لا يموت إلا واقفاً ولا يقبل الذل ولا يركع. ومهما توضأت بالدم، فإنهم سيقيمون صلاة الجماعة بوجهك وسينتصرون

نقلاً عن صحيفة روناهي