التقرير السياسي لحزب سوريا المستقبل لشهر تموز

1٬052

شهد شهر تموز 2019 مجموعة كبيرة من الأحداث العسكرية والسياسية، والتي سينعكس تأثيرها في الملف السوري بشكل واضح في الفترة القادمة. 

أبرز هذه الأحداث التصعيد في المواجهة الأميركية-الإيرانية وتداعياته على الأراضي السورية. والمواجهة بين حكومة رجب طيب أردوغان وقوات سوريا الديمقراطية، وما قد ينتج عنها في شمال وشرق سوريا. الدعم الروسي للنظام السوري، وآفاقه في ظل التوتر الأمريكي الإيراني، وانعكاس ذلك تلقائياً على توفير أسباب عملية للمواجهة بين إسرائيل وحزب الله في سوريا ولبنان. ولاسيما ازمة احتجاز ناقلة النفط البريطانية من قبل ايران وما استتبعه من امكانية اندلاع صراع تحمل بين ايران من جهة وامريكا والدول المعنية بحلف ايران النووي من جهة اخرى.
امام هذا المشهد لم يكن هناك أي تقدم ملموس في المسألة السورية من خلال جمود مسارات الحل، بل على خلاف ذلك توسع النفوذ الاقليمي والدولي في الشأن السوري وسط تضارب المصالح لكل هذه الدول. وبدى لافتا حديث بوتين المتكرر ونظرته الى سبل الحل للازمة السورية من خلال مقولة ان هناك فصائل متمردة على الحكومة السورية يجب محاربتها ومطالبةً المجتمع الدولي للتحرك والقضاء على بؤر الارهاب والتوتر في سوريا والسعي الملح لعودة اللاجئين واعادة الاعمار ووصول المساعدات عبر بوابة الحكومة السورية. ولم يلتفت السيد بوتين الى الازمة السورية على انها ازمة شعب طالب باسترداد حقوقه واستعادة حريته.
حيث بدى واضحا ان روسيا تعمل على ابطاء مسار جنيف المتفق عليه دوليا وتعاملت مع القرار الدول ٢٢٥٤ بانتقائية بالتركيز على سلة اللجنة الدستورية كأحد السلال الاربعة لمخرجات الحل في سوريا سعيا منها لابطاء الحل السياسي.
وكان الحدث الملفت دعوة اسرائيل لاجتماع أمني رفيع المستوى يضم روسيا وامريكا واسرائيل للعمل على محاولة اقناع الروس باجراء مقايضة بين تقليص الدور العسكري لايران وميليشياتها مقابل اعادة تأهيل النظام وعدم اعتراض الجانب الامريكي على هذا الطرح وهذا اللقاء أدخل اسرائيل كلاعب اساسي ومؤثر في مجريات الازمة السورية.
بالتزامن قدم المبعوث الدولي غير بيدرسن احاطة في مجلس الامن بحضور مندوبي الدول الاعضاء وأشار بأنه قدم تم تجاوز عدة عقبات حول تشكيل اللجنة الدستورية وخصوصا الاسماء الستة من لائحة المجتمع المدني حيث كانت الامم المتحدة قد اعترضت على قوائم اللجنة المقترحة ووضعها بأنها غير متوازنة، وبالمقابل حذر السفير الامريكي جوناثان كوهين من امكانية ايقاف العمل بموضوع تشكيل اللجنة الدستورية والعمل على تفعيل طرف آخر. مما أدى الى تسريع عملية التشكيل من قبل روسيا حيث استبدلت الحكومة السورية المبعوث الدولي في دمشق وانتقل الى موسكو لتهيئة عملية التشكيل والجدير بالذكر أن الحكومة السورية طلبت بأن يتم اصدار الدستور بتصويت أغلبية 75% من اعضاء اللجنة.
من جهة اخرى يتوسع نطاق الخلاف بين تركيا وامريكا في موضوع ملف المنطقة الامنة ولا يبدو أن الطرفين مستعدين للتنازل وزاد في عمق الخلافات موضوع منظومة الصواريخ الروسية S400 واستلام تركيا المنظومة رغم التحذير الامريكي مما انعكس على مضمون اللقاءات بين الطرفين مؤخرا، حيث ترى امريكا أن قوات سوريا الديمقراطية شريك لها في مكافحة الارهاب وقوة حقيقية لصد أي اعتداء من قبل التنظيمات الارهابية. وترى في تجربة الادارة الذاتية لشمال وشرق سوريا نموذج ناجح يؤمن الاستقرار، وترى ان مخاوف تركيا الامنية يمكن ان تلبى باقتراحات تلبي مخاوف الاطراف وتأمين استقرار المنطقة وهذه المحادثات لم تثمر عن أية نتائج رغم السعي الامريكي الى ايجاد مقاربات بين قسد وتركيا.
ووصول قائد المنطقة الوسطى في القيادة المركزية لقوات التحالف إلى شمال وشرق سوريا، في رسالة واضحة، عبر عنها وزير الخارجية الأمريكي بومبيو بقوله: “سنعالج المخاوف الأمنية التركية، ونلتزم بحماية شركائنا المحليين الذين ساعدونا في هزيمة داعش”. وجرى لقاء رفيع المستوى بين قائد قوات القيادة الوسطى الامريكي الجنرال ماكينزي مع قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي في كوباني حيث تناول اللقاء موضوع المنطقة الامنة حيث استمعوا الى المقترحات الامريكية بهذا الشأن وأشار مظلوم عبدي الى موضع احتلال مدينة عفرين من قبل الاتراك ضمن أي ملف مستقبلي للمنطقة وإن أي طرح لوجود قوات فصل لايمكن أن يتم من خلال القوات التركية وطرح امكانية مشاركة قوات امريكية وفرنسية وقوات عربية.
استمرت الغارات الجوية من قبل روسيا والنظام على مدينة ادلب سعيا لاستعادتها وتصعيد العمليات العسكسرية استباقا للقاء المرتقب في استانة مطلع شهر آب بمشاركة لبنان والعراق والاردن كمراقبين وذلك لاعطاء صبغة اقليمية لهذاالمسار المتعثر.
وأمام هذا الجو السياسي المتلبد، نجح مجلس سوريا الديمقراطية -وبمشاركة من حزب سوريا المستقبل في اللجنة التحضيرية- بعقد ورشتي عمل في باريس وتبعه في فيينا حضرهما مجموعة من المعارضين السوريين حيث بحث خارطة الطريق المنبثقة عن مؤتمر الحوار السوري السوري الثالث، وناقش الدعوة لعقد مؤتمر وطني جامع يضم القوى السياسية والشخصيات الوطنية.
وفي سياق متصل، وتأكيداً أن تنظيم داعش ما زال يمثل تهديداً من خلال خلاياه النائمة، ومن خلال عشرات الآلاف من معتقليه لدى قوات سوريا الديمقراطية، وإهمال المجتمع الدولي لمحاكماتهم على الأرض السورية من خلال تشكيل محكمة خاصة، نُظِمَ منتدى في مدينة عامودا- القامشلي، حضره أكثر من 200 شخصية سياسية وأكاديمية ودبلوماسية وحقوقية محلية ودولية لمناقشة الخطوات التالية بعد الانتصار العسكري على داعش.
اننا في حزب سوريا المستقبل في طليعة الاحزاب السياسية التي حملت على عاتقها مسؤولية سياسية نابعة من قراءة سليمة وثاقبة للاحداث السياسية التي تمر بها سوريا وكان من اهم الاستحقاقات موضوع ملف تشكيل اللجنة الدستورية ونرى أن الشروع في تشكيل اللجنة من قبل المبعوث الدولية شابه التسرع ولم يراعي التشكيل التمثيل العادل لكافة مكونات المجتمع السوري وتم تغييب الكثير من القوى والشخصيات الوطنية فجاءت القوائم المراد الاعلان عنها غير متوازنة وكان من المتوجب اعادة النظر في القوائم واشراك كافة القوى والاحزاب السياسية المغيبة كون الدستور هو الركيزة الرئيسية والبوابة التي تحدد شكل الدولة ونظام الحكم مما يتيح انتاج دستور توافقي معبر عن كافة المكونات واطياف الشعب السوري.
الملف الساخن في شمال وشرق سوريا ملف المنطقة الأمنة فإنه بدا بوضوح النوايا التركية من وراء اثارة هذا الملف والتهديدات التركية المتلاحقة فظاهرها التذرع بالامن القومي التركي وباطنه الهيمنة التركية الامنية على المنطقة واحداث التغيير الديمغرافي وخلق بذور الفتنة بين مكونات الشعب في المنطقة وتجانسه وانسجامه وتكريس الاحتلال بشتى اشكاله واذ نرى أنه ان كان لابد من اقامة المنطقة الامنة فيجب ان يؤخذ بعين الاعتبار عدة قضايا في طليعتها انهاء احتلال مدينة عفرين، والاشراف على المنطقة الامنة من قبل قوات دولية مع استمرار عمل مؤسسات الادارة الذاتية.
ولابد لنا من تسجيل موقف انساني وطني من خلال الدعوة الى ايقاف الغارات الجوية الروسية العشوائية على المدنيين في مدينة ادلب ووقف نزيف سفك الدم وتحييد المدنيين عن اماكن الصراع العسكري.
وعليه فإننا في حزب سوريا المستقبل وبمشاركة القوى السياسية والديمقراطية والشخصيات الوطنية لزاما علينا العمل من اجل الوصول الى الدولة السورية دولة المواطنة وتشكيل دستور توافقي عصري يعبر عن آمال الشعب السوري بجميع مكوناته واطيافه وصولا الى الانتقال السلمي للسلطة ضمن دولة ديمقراطية تعددية لامركزية.
31 تموز 2019

#حزب_سوريا_المستقبل

#تقرير