أمينة عمر.. من يخشى الموت تصعب عليه الحياة

1٬517

تنشر أمينة عمر “الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية” هدوءها وتصميمها في زوايا الأمكنة التي تزورها. المرأة التي توقد رفيقاتها بالأمل، يرتعش صوتها حين تتذكر استشهاد صديقتيها.

“ودّعتُ الأولى العام الماضي، وودّعت الثانية الأسبوع الماضي”.

تؤمن بالقدرية. “من يخشى الموت تصعب عليه الحياة”. تقول عمر.

في زيارة سابقة إلى مكتبها في بلدة عين عيسى، جلست في كرسي بيننا، تصغي وتناقش بهدوء.

“الحالة صعبة وخطيرة. لدينا اليوم مكتسبات هامة، على صعيد المجتمع والوطن، مكتسبات ربما تفتح عيون الأعداء علينا. نعرف ذلك ونعيه جيداً. في النهاية يجب أن نقاوم”. قالت عمر.

تخرجت من كلية الحقوق جامعة دمشق عام 1993 . أم لأربعة أولاد، الكبيرة طالبة جامعية في كلية الهندسة، والصغير في الصف السادس.

التحقت عمر في العمل السياسي بداية 2014 كرئيسة لهيئة المرأة في الإدارة الذاتية، قبل تولّيها مسؤولية، رئيسة مشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية.

بهدوء وطيبة خاطر استقبلت أسئلتنا، وبهدوء وشفافية أجابت.

_ تحدثتي سابقاً، أن الثورة الحقيقية هي ثورة روجافا. لماذا؟

نعم. لانها قبل كل شيء، ثورة فكرية. تحمل فكرة التحرر من الاستبداد، واستعادة الحقوق للشعوب. ثورة انطلقت عبر إرادة الشعوب في روجافا بجميع مكوناتها، كرد وعرب وسريان وأرمن.. بجميع المكونات الموجودة. استطاعت تحطيم السلطوية السائدة عبر نضالها الديمقراطي، ثم أنتجت عمليّاً عقداً اجتماعياً، يضمن الحقوق، ومن خلال بناء الإدارة الذاتية للديمقراطية، الادارة التي تتشارك كل المكونات في إدارتها.

_ تتعدد مسؤوليات المرأة في شمال وشرق سوريا. وتتواجد في كل تفاصيل العمل العسكري والسياسي والإداري. هل هناك ثورة تقودها المرأة هناك؟

نعم. هناك ثورة المرأة. انطلقت منذ بداية الأزمة في روجافا. هي نفسها ثورة روجافا. نحن نطلق عليها ثورة المرأة، شاركت المرأة فيها بكثافة. وكان لها دور بارز في إدارتها وفي قيادتها. واستطاعت في السنوات الماضية تحقيق الكثير من المكتسبات، عبر تنظيم نفسها في جميع المستويات.

إن ثورة روجافا ثورة شاملة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. ثورة عسكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية. وهي ثورة مستمرة حتى يتم المحافظة على ما تم تحقيقه، عبر بناء مجتمع ديمقراطي حر.

 

_ تحضر المرأة في هذه المنطقة باعتبارها فاعلاً رئيسياً، في مجتمع تعتقد ثقافته أن دور المرأة ثانوي ومحدود ومقيد ضمن دائرة الأسرة الضيق. كيف تنظر أمينة عمر للحالة، باعتبارها الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية، وباعتبارها امرأة في المجتمع الذي يحدد دور وإمكانيات المرأة؟

تحكم كل مجتمع رواسب ثقافية متوارثة. وبغض النظر عن الأسباب التي أدت إلى تشكيل هذه الرواسب، سواء أكانت دينية أو اجتماعية أو سياسية تتعلق بالسلطة الحاكمة.

كانت نتائج هذه الرواسب قاسية وشديدة على المرأة في مجتمعنا. عانت من الظلم والاضطهاد والتهميش. وكانت حرياتها مقيدة، وكان دورها ثانوي. وفي مجتمعنا بالرغم من وجود هذه الرواسب، إلا أن المرأة تكيفت مع الواقع الاجتماعي الجديد. كان لديها ذهنية التغيير والانفتاح والنضال. حققت الكثير من الإنجازات، وقطعت شوطاً كبيراً في محاربة الرواسب التي تحطّ من شأنها. واجتهدت في إعادة تأهيل نفسها، وتعزيز ثقافتها.

أعتقد أن غالبية النساء في مناطق شمال وشرق سوريا اليوم، لا يقبلن الواقع السابق، الذي كان مفروضاً عليهن. لقد ملكنا صوتاً قوياً واضحاً، ودوراً ثابتاً.

_ كيف تفسرين وجود رئيسة مشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية بجوار رئيس لمجلس سوريا الديمقراطية. هل هي محاولة لإثبات أن المرأة قادرة على القيادة في نفس المستوى من قدرة الرجل؟ أم هي دعاية موجهة للمجتمع الغربي عن تحرر المرأة في مناطق شمال وشرق سوريا؟

انا أتناول الموضوع بشكل مختلف، إن موضوع الرئاسة المشتركة هو أحد نتائج ثورة المرأة، وهو إنجاز كبير للمرأة، لإثبات أنها قادرة على إثبات ذاتها، لأنها تمتلك العزيمة والفكر لإدارة المجتمع، والمشاركة في صنع القرار.

في ظل النظام الذكوري، لا يسمح أن تشارك المرأة في صنع القرار. الدور للرجل.

في ظل الرئاسة المشتركة، تحقق المرأة ذاتها، وتعبّر عن نفسها، وتقرّر وتنتج وتشارك في صنع القرار. نحن لا نطالب بالمساواة مع الرجل. ولا نطالب بحقوقنا من الرجل. نحن نطالب بمساواتنا في مجتمع نصفه من النساء.

عندما حصلت المرأة في شمال وشرق سوريا على هذا الدور، كانت رائدة في جميع المجالات. أفعالها كانت تسبق أقوالها.

لم يكن هدفنا مراعاة المجتمع الغربي، أو نشر دعاية لنا عنده. أبداً. شاركت المرأة عسكرياً وانتصرت على الإرهاب، شاركت في صنع القوانين. هنا تنظيم هائل للنساء في شمال وشرق سوريا يقوم بدور مضاعف. يقوي إرادة المرأة ،الأمر الذي يؤدي الى تقوية المجتمع.

تقوم عشرات الأكاديميات السوريات بإعادة تأهيل المرأة، بالإضافة الى وجود جمعيات وتعاونيات نسائية، تفتح المجال لها حتى تعتمد على ذاتها، لتحقيق الاستقلال المادي.

_ تتواجد أمينة عمر في المنطقة التي تشهد عمليات تفجير واغتيال، هل تخشى عمر من مخاطر الحالة؟

تتواجد العمليات الارهابية في مناطقنا، نعم. لكني شخصياً أؤمن بالقدر، لكل إنسان قدر وساعة، لذلك لا أفكر بالموت. إذا فكرت بالموت، تصعب عليك الحياة.

نؤمن بعملنا ونؤمن أن هذه المرحلة خطيرة ولكنها مهمة. وعلينا أن نكون مستعدين لكل خطر، يجب أن نكون مهيئين.

_ أمينة عمر أمّ لأربعة أولاد. يشاركون السوريين في الدراسة والهم والأحلام. كيف توفقين بين مشاركتك في العمل السياسي على أعلى المستويات ودورك كأم؟

أنا ام لأربعة أولاد. كبيرهم طالبة جامعية وصغيرهم في الصف السادس. بينهما طالبين في الثانوية العامة. أحاول التوفيق ما أمكن بين عملي وبين دوري كأم. تعوّد أولادي على عملي وغيابي، وهذا يزيل بعض الهمّ عن كاهلي. صعب أن أحسن التوفيق بالكامل، ولكني أحاول.

_ ما هو الحلم الذي تتمناه أمينة عمر على الصعيد العام؟

حلمي بعودة الأمن والاستقرار لبلدنا الحبيب سوريا، حلمي بعودة اللاجئين الى ديارهم. حلمي أن يعمّ السلام على جميع الشعوب السورية والعالم. حلمي ضمان حقوق السوريين عبر دستور حضاري مدني عصري. حلمي أن يعيش أبناءنا أبناء سوريا جميعا بسلام وأمان.

_ ما هو الحلم الذي تتمناه أمينة عمر على الصعيد الشخصي؟

أنا أم، وحلمي حلم كل أم. أتمنى التوفيق لأولادي. في دراستهم وفي حياتهم.

 

#حزب_سوريا_المستقبل
#حوار
حوار طالب ابراهيم

عضو قيادة حزب سوريا المستقبل في أوروبا